تونس

حديث عن “مقايضة سياسية”.. هل تنازلت النهضة عن رئاسة الحكومة؟

رغم إعلان حركة النهضة سابقا تمسكها بحقها الدستوري في ترؤس الحكومة وترشيح شخصية من داخلها، فإن مخرجات اجتماع مجلس شوراها الأخير فُهمت على أنها تنازل عن رئاسة الحكومة بطعم “المقايضة السياسية” مقابل حصولها على رئاسة البرلمان.

وكان مجلس شورى الحركة المنعقد يومي السبت والأحد الماضيين، قرر ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان مع تمسكها بتعيين رئيس الحكومة، لكن دون الإشارة هذه المرة إن كانت شخصية من داخلها أو مستقلة، بحسب الصياغة التي وردت ضمن ورقة التصويت.

ويتم انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد بعد حصوله على 109 أصوات من أصل 217 صوتا، في وقت تحاول فيه النهضة -المتحصلة على 52 مقعدا- التفاوض مع باقي الأحزاب بهدف تكوين حزام برلماني لضمان أغلبية تمكّن الغنوشي من رئاسة البرلمان.

الحكومة أم البرلمان؟
وما زاد من حدة التكهنات حول سعي الحركة للقيام بصفقة سياسية تتنازل بموجبها عن حقها الدستوري في رئاسة الحكومة مقابل ضمان رئاسة البرلمان، تصريحات مثيرة للقيادي في التيار الديمقراطي غازي الشواشي المرشح المفترض لحزبه لرئاسة البرلمان.

وأعلن الشواشي في تصريح للجزيرة نت استعداد حزبه (22 مقعدا نيابيا) للتصويت لصالح رئاسة الغنوشي للبرلمان، لكن بشرط تنازل النهضة عن حقها في رئاسة الحكومة، وتعيين شخصية مستقلة ذات كفاءة، إضافة إلى الحقائب الوزارية التي طالب بها حزبه.

ولفت القيادي في التيار إلى وجود حالة من التململ داخل النهضة لحسم مسألة ترشحها لرئاسة الحكومة من عدمها قبل انتهاء الآجال الدستورية، والبحث في المقابل عن مخرج سريع يضمن لها رئاسة البرلمان.

ومن المنتظر أن يجتمع مجلس النواب المنتخب حديثا لأداء اليمين الدستورية في أول جلسة برلمانية مقررة ليوم الأربعاء، سيترأسها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي باعتباره الشخصية الأكبر سنا وفق ما يمليه القانون الداخلي للبرلمان.

احتمالات مفتوحة
وفي ظل حالة الغموض التي تشوب تصريحات قيادات نهضوية حول تنازلها عن رئاسة الحكومة من عدمها، يقر القيادي في الحركة محمد بن سالم بإظهار النهضة شيئا من المرونة بهذا الخصوص.

وتابع بن سالم في حديثه للجزيرة نت “لم نقل إننا سنختار رئيس الحكومة من خارج النهضة، لكننا لم نؤكد أنها من داخلها، وبالتالي أبقينا الباب مفتوحا على هذين الاحتمالين”.

وبخصوص ما جاء في صياغة نص التصويت الذي تبناه مجلس شورى الحركة واعتماد عبارة “تمسكها بتعيين رئيس الحكومة” دون التنصيص على شخصية من داخلها، اعتبر بن سالم أن ذلك خيار مضت فيه مؤسسة الحركة بعد مشاورات طويلة.

وكانت قيادات محسوبة على التيار الإصلاحي داخل النهضة قد عبرت في تدوينات -تلميحا وتصريحا- عن عدم رضاها عن مخرجات مجلس شورى الحركة وقراراته وتبرُّئها منها.

وكتب القيادي عبد اللطيف المكي عبر صفحته على فيسبوك “في السياسة يمكن أن تُحاسَب أو تُحَمَّل مسؤولية سياسات أو قرارت أنت غير موافق عليها لأن الناس لا تعرف كل الحقائق”.

من جهته كتب القيادي عبد الحميد الجلاصي تدوينة وصفت بالملغمة وبكونها رسالة مضمونة الوصول إلى الغنوشي، تحدث خلالها عن موت الرئيس الباجي قايد السبسي وربطها بانتهاء صلاحية ذكائه بحجة انتمائه لجنس قديم، داعيا إلى ضرورة التجديد في كل شيء.

غموض واضطراب
وتعليقا على ذلك، قال الأكاديمي والمحلل السياسي طارق الكحلاوي إن النهضة تعيش حالة اضطراب داخلها، تتعلق بخيار رئاسة البرلمان أو الحكومة، وقد ظهرت جليا خلال جلسة تصويت مجلس الشورى الأخير.

ولفت الكحلاوي في حديثه للجزيرة نت إلى أن خيار التصويت خلال جلسة شورى النهضة تخلى عن تمسكها بأولوية رئاسة الحكومة مقابل السعي للفوز برئاسة البرلمان.

وخلص إلى أن هذا الغموض في موقف النهضة والتسويق حتى اللحظة لتمسكها برئاسة الحكومة، سببه مخاوف من ردة فعل ناخبيها الذين يصر أغلبهم على أن تحكم باعتبارها الحزب الأول المتصدر للانتخابات، ومحاولة لرفع سقف التفاوض وضمان رئاسة البرلمان.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى