كتاب وآراء

أسوأ ما في بلادنا انها أرض خصبة للمتسلقين… أهل الإعلام والسياسة نموذجاً

علي هاشم*

الأزمة الحقيقية ليست مقابلة الرئيس وتصريحاته، هذه تفصيلية ويمكن لها أن تحمل وجوهًا عديدة، القصة في الفجوة التي بين المطروح والمطلوب، بل هي أعقد، لا تزال السلطة تتعامل مع ما يحدث على أنه حدث عابر، تفوتها لحظة بجعة سوداء مجددًا، تعوّل على الملل وعلى السائد وعلى الخطابات، بل هي تعوّل في للوقت نفسه على بعض من فيها ممن يبحثون عن سلم للنزول من المركب العالق وسط العاصفة…
أسوأ ما في بلادنا انها أرض خصبة للانتهازيين، السياسي الفاسد الذي يبحث عن خرم إبرة يفر منه من ضفة الحاكم إلى ضفة المحكوم، كلنا ندرك جيدا أن حصاد اليوم هو نتيجة زرع بدأ في ١٩٩٠ على طاولة الطائف، الذين زرعوا كثر كثر كثر، والزرع عملية متكاملة، بذر، سقاية، شمس، حماية، حتى خيال المآتة شريك في هذه العملية ولو دون قصد… ما جرى لم يكن نتاج عهد من ٣ سنوات فاشلة، ولا كانت حرب سورية عماده الأول، ولا كان خطف الحريري ولا اغتيال والده ولا مؤتمرات المانحين ولا العديد من لحظات المرارة التي واجهتنا خلال العقود الماضية، بل كلها مجتمعة وحراس هيكل شربوا في الحرب دماء الأبرياء، وفي السلم نهبوا عرقهم، وفي لحظة الحساب توزعوا الضفاف أملا بنجاة…
أسوأ ما في بلادنا انها أرض خصبة للمتسلقين، بعض أهل الإعلام ممن اعتدنا على مرافقتهم لكبار المسؤولين في الولائم والحفلات والمناسبات السعيدة، تحولوا بين ليلة وضحاها إلى ثوار، صناعة الصورة الجديدة لم تحتج سوى لبعض المبالغة كما العادة في التعبير، وكما العادة كان سهلًا أن يجدوا لهم مكانًا بين الثائرين، أيقونات وبيارق، اشبه ما يكون المشهد بذاك الذي رأيناه يوما في مصر قبل سنوات، ولم يطل حينها المكوث حتى عادوا حيث يليقون وتليق بهم الحال…
أسوأ ما في بلادنا انها أرض خصبة للقطيع، المواطن الذي لا يفرق بين الناقة والجمل، ذاك الذي لا يرى سوى ما يراه الزعيم، أو ذاك الذي أوكل كل جوارحه لما يسمع وما يقرأ دون أن يبذل جهدًا لصناعة وعيه بعيدا عن القوالب الجاهزة، هذا الذي يرفض لأن الرفض ترند، ويبصم بالدم لأن البصم تأكيد ولاء، ويبحث عن المؤامرة في كل تفصيل فيضيع معها ويغرق حتى لا يكاد يرى انه عارٍ من كل شيء، جردوه حتى اللباس الداخلي وهو يبحث عن مبررات صمته…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى