لبنان

لبنان.. الأزمة تراوح بين “لبن العصفور” والامتناع عن تناول “الألبان والأجبان”

أثارت تصريحات الرئيس اللبناني ميشال عون التلفزيونية التي انتقد فيها الحراك، موجة غضب شعبية عمت مختلف المناطق اللبنانية، التي شهدت قطع الطرق واعتصامات متفرقة في العاصمة بيروت وساحات وميادين المدن والبلدات الكبرى، وأسفرت عن سقوط قتيل من مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي برصاص مرافق ضابط في الجيش اللبناني.

وأدى مصرع علاء أبو فخر إلى تأجيج غضب الشارع الذي عبر عن رفضه لما ورد في مقابلة الرئيس عون، ووصفها محتجون بأنها كانت فوقية وحادة، وفيها عدم اعتراف بشرعية تحركهم ومطالبهم.

وقال ناشط في الحراك الشعبي ببيروت للجزيرة نت إن عون استفز اللبنانيين ودعاهم للهجرة من البلد، وكان الأحرى أن يتحدث عن خطة العمل التي سينفذها تلبية لمطالب الناس.

وأضاف الناشط الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الطبقة السياسية الحاكمة، وفي طليعتها عون، تعيش في واد والشعب اللبناني في واد آخر، مشيرا إلى أن الانتفاضة الشعبية مستمرة حتى تحقيق مطالبها كاملة.

 ناشطون: الانتفاضة الشعبية مستمرة ضد أركان السلطة إلى أن تتحقق مطالب الشارع (الجزيرة نت)
ناشطون: الانتفاضة الشعبية مستمرة ضد أركان السلطة إلى أن تتحقق مطالب الشارع (الجزيرة نت)

ثورة غضب
واعتبر الناشط في الانتفاضة الشعبية محمود فقيه أن “ثورة الغضب” على كلام الرئيس عون حق شرعي ورد فعل طبيعي للشارع، بعد أن استمع الناس إلى “خطاب متعال واستخفاف بهم” من قبل الرئيس.

وقال إن خطابات كل أركان السلطة “تستخف بانتفاضتنا، التي صار عمرها الشهر تقريبا”، معبرا عن أسفه لمحاولات عون ومن معه من الطبقة السياسية بـ “شيطنة الحراك، وقد نسي أن المتظاهرين يتعرضون لاعتداء”.

وأوضح فقيه أن الرئيس عون يدرك تماما مطالب الانتفاضة، لكنه “يصر على تجاهلها وإبقاء صهره في الحكومة وتشكيل حكومة تكنوسياسية”.

وأكد أن الانتفاضة قامت ضد حكومة أحزاب السلطة التي “أمعنت في البلاد فسادا وتدميرا لاقتصادها”.

قوى تحرك الشارع
من جهته، قال أمين سر الهيئة الوطنية لحماية الدستور عادل يمين للجزيرة نت إن الرئيس عون ترك الخيارات على رئاسة الحكومة مفتوحة رهن المباحثات والاستشارات النيابية المقبلة.

وأشار إلى أن بعض الأطراف السياسية حركت الشارع للضغط من أجل خيارات معينة على مستوى رئاسة الحكومة.

بدوره، يرى المحلل السياسي ميشال أبو نجم أن هناك استغلالا سياسيا من بعض الأطراف بهدف رفع سقف المفاوضات لتشكيل الحكومة، موضحا للجزيرة نت أن قوى سياسية حركت الشارع لأنها لا ترغب بالتراجع عن مواقف اتخذتها.

وأضاف أبو نجم أن التأخر في الاستشارات النيابية من قبل رئيس الجمهورية “جاء من أجل الحرص على تأمين ركائز لإنجاح تشكيل الحكومة والحرص على أن يكون رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري هو المرشح الأول لها”.

الحكمة والتعقل
من جهته، أوضح أمين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر للجزيرة نت أن الحل يبدأ في تشكيل حكومة من محايدين تلبي مطالب الشعب وتقدم مقاربة حقيقية لها.

وتابع قائلا إن الأجواء السياسية في البلاد توحي بتوجه السلطة نحو تشكيل حكومة من لون واحد، وهذا برأي ناصر يدل على الافتقار إلى الحكمة والتعقل في إدارة الأزمة.

أزمة بلا أفق
وتتجه الأزمة الحكومية التي تعصف بلبنان نحو مزيد من التعقيد مع تأكيد مصادر مقربة من الحريري للجزيرة نت إصراره على شرطه بتشكيل حكومة تكنوقراط من غير الحزبيين، وأن اعتذاره عن تكليفه بتشكيل الحكومة غير واقعي لأنه “لم يكلف حتى يعتذر”.

وقد نشر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على صفحته الخاصة في موقع تويتر تغريدة أكد فيها أن الفرصة مواتية لتشكيل حكومة تستجيب للناس وتكسب ثقة البرلمان، في إشارة إلى حكومة مختلطة من خبراء وسياسيين ألمح لها عون.

وعن محاولات ثني الحريري عن موقفه الرافض لتشكيل حكومة تكنوسياسية، قال بري إنه قدم للحريري “لبن العصفور” كي يقبل بتشكيلها، ورد الأخير بأنه ممتنع عن تناول الألبان والأجبان، وفق ما نقل موقع “المستقبل ويب” المقرب من الحريري.

 إصرار الحريري على تشكيل حكومة تكنوقراط من غير الحزبيين لا يجد آذانا مصغية لدى بقية أطراف الأزمة (رويترز)
إصرار الحريري على تشكيل حكومة تكنوقراط من غير الحزبيين لا يجد آذانا مصغية لدى بقية أطراف الأزمة (رويترز)

لا غالب ولا مغلوب
وبين الشروط والشروط المضادة، يرى المحلل السياسي أمين قمورية أن حكومة مختلطة من خبراء وسياسيين هي الأقرب إلى التحقق.

وأضاف أن إصرار الحريري على حكومة تكنوقراط هو لإلغاء نتائج الانتخابات النيابية السابقة وما أفرزته من قوى حزبية برلمانية لا يمكن شطبها من المعادلة.

وقال قمورية للجزيرة إن الاتصالات الأخيرة تمحورت حول حكومة ترضي جميع الأطراف، معربا عن اعتقاده أن تشكيل حكومة من لون سياسي واحد غير وارد ودونه عقبات جمة.

وتوقع أن يقبل الحريري في نهاية المطاف بحكومة خبراء وسياسيين شريطة ألا تكون الأسماء المرشحة مستفزة له وللرأي العام، وبالتالي يتم التوصل إلى حكومة “لا غالب ولا مغلوب” على الطريقة اللبنانية التقليدية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى