فلسطين المحتلة

الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين: “باهي الضبة” أول مصمم سيارات في غزة… سياراتي ورقية محاصرة

من المشاغبة على مقاعد الدراسة حتى الاحتراف، يحلم باهي الضبة أول مصمم سيارات في غزة، بالانضمام إلى فريق مصممي إحدى شركات تصنيع السيارات العالمية.

كانت بدايات باهي (23 عاما) مجرد “مشاغبات وخربشات” -كما يصفها- على مقاعد الدراسة وهو في مرحلة الطفولة قبل نحو 12 عاما، في ذلك الوقت كانت موهبة الرسم تشغله عن التركيز في الحصة الدراسية، ويأخذ بالرسم على مقعده الدراسي.

وقال باهي للجزيرة نت “شعرت أن شيئا ما بداخلي يجذبني بقوة نحو الرسم، لكنه ليس ككل الرسم، إنه حب عالم السيارات”.

باهي لا يمتلك “رخصة قيادة” سيارة، لأنه لا يمتلك المال الكافي للحصول عليها، لكنه يبدي شغفا كبيرا بالسيارات، ويختزن بداخله معرفة كبيرة بأنواعها ومميزاتها، وحلمه ينصب على السفر إلى ألمانيا والالتحاق بفريق مصممي سيارات (بي أم دبليو) أو (مرسيدس).

حكاية عشق

لم يطل باهي التفكير ببلوغه المرحلة الثانوية في عام 2011، وقرر الالتحاق بالثانوية الصناعية في مدرسة “دير البلح الثانوية الصناعية”، وتخصص في كهرباء السيارات، رغبة منه في فهم أعمق ومزج موهبته بالعلم.

وقال باهي “دراستي الصناعية، ومن ثم تخصصي في الوسائط المتعددة خلال المرحلة الجامعية، ساعدتني في امتلاك المعرفة والخبرة اللازمتين لتنمية موهبتي في مجال تصميم السيارات وتطويرها من حيث الشكل الأجمل والأداء الأفضل”.

 باهي الضبة يحترف تصميم السيارات بالرسم ثلاثي الأبعاد على الحاسوب (الجزيرة)
باهي الضبة يحترف تصميم السيارات بالرسم ثلاثي الأبعاد على الحاسوب (الجزيرة)

وأضاف أن هيكل السيارة الخارجي يلعب دورا مهما ليس فقط من حيث الشكل الجمالي للسيارة، وإنما ينعكس ذلك على أدائها وقوتها.

وأكد باهي أنه بالعلم والموهبة تمكن من فهم السيارة وأسرارها، وانتقل من الرسم على الورق “اسكتشات” إلى استخدام برامج التصميم على الحاسوب للحصول على أفضل النتائج.

 بداية الحلم

يدرك باهي أن تصاميمه ستبقى أسيرة الحصار في غزة، إن لم تر النور، وينطلق بها إلى فضاء أوسع، ويقول “غزة صغيرة ومحاصرة، وليس لموهبتي فيها مكان”.

وفي عام 2017 كانت أولى محاولات باهي لتحرير رسوماته، فأنجز تصميما مبتكرا لأحد أنواع سيارات (بي أم دبليو)، وأرسله عبر البريد الإلكتروني إلى عنوان الشركة الألمانية، التي أبدت إعجابها به، ويقول باهي “جاء في رد الشركة أنها تتطلع إلى أن أكون في يوم ما أحد أعضاء فريق التصميم لديها، رغم أن التصميم كان في ذلك الوقت بسيطا، وأمتلك في الوقت الحالي القدرة على إنجاز الأفضل”.

 اسكتش تصميم يدوي لسيارة من إعداد باهي الضبة (الجزيرة)
اسكتش تصميم يدوي لسيارة من إعداد باهي الضبة (الجزيرة)

وأضاف “تلقيت إثر ذلك بريدا آخر من الشركة الألمانية عبارة عن استبيان توظيف لتعبئة البيانات الشخصية والوظيفة التي أرغب بها، واخترت التصميم، وكلما توفرت في الشركة وظيفة بهذا المجال كنت أتلقى تنبيها بذلك عبر البريد الإلكتروني، وأتحسر على عدم قدرتي على السفر وتحقيق حلمي”.

ووقف العائق المادي أمام باهي في الالتحاق بجامعة إيطالية لتنمية المواهب، وافقت على انضمامه إليها، لكنه لم يتمكن من السفر بسبب عدم امتلاكه القدرة المالية للسفر والمعيشة.

أحلام وطموح

لا تتوقف أحلام باهي عند احتراف التصميم الخارجي لهياكل السيارات، ويعمل حاليا على تصميم السيارات من الداخل وتطويرها، فضلا عن إنجاز تصاميم دراجات نارية.

لكن باهي يشكو قلة الاهتمام الرسمي بموهبته، وعدم توفر مصدر رزق له، ما دفعه إلى العمل حاليا مصمم إعلانات في مجال التسويق الإلكتروني، بهدف توفير احتياجاته الأساسية.

وقال “عملت لعدة شهور ضمن مشروع ممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عبر مؤسسة غيت واي (Gate Way)، وكانت تجربة ناجحة أسهمت في تطوير موهبتي، واكتساب مهارات جديدة من خلال العمل الحر عن بعد، قبل انتقالي للعمل في شركة للتسويق الإلكتروني، الذي أكسبني مهارة الرسم ثلاثي الأبعاد”.

ويخطط باهي حاليا لإطلاق حملة تمويل من خلال خدمة “غو فند مي” (Go Fund Me) المختصة في جمع التبرعات لأصحاب المواهب والمبادرات والمشاريع الهادفة، كي يتمكن من توفير المال اللازم له من أجل السفر والدراسة وتحقيق أحلامه.

ويؤمن باهي بموهبته وقدراته وبأنه يمتلك العزيمة التي ستقوده يوما إلى أن يصبح أول مصمم فلسطيني في كبرى شركات السيارات العالمية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى