فلسطين المحتلة

الاعتداءات الاسرائيلية: الأسير الفلسطيني مصعب الهندي يواصل معركة الأمعاء الخاوية ويفقد 40 كيلوغراما

في الوقت الذي كان فيه الحاج توفيق الهندي ينتفض وسط دوار الشهداء وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية أمس الخميس، ويصرخ لإطلاق سراح نجله الأسير مصعب، كانت محكمة الاحتلال بالمدينة المقدسة تعقد جلستها لتتراجع عن قرارها بتجميد اعتقاله إداريا.

يدخل مصعب الهندي (29 عاما) المنحدر من قرية تل قرب مدينة نابلس يومه 76 في الإضراب عن الطعام رفضا للاعتقال الإداري (ملف الاعتقال سري) الذي مضى عليه نحو ثلاثة شهور.

ولم تمض 24 ساعة على القرار الأول لمحكمة الاحتلال بتجميد اعتقال مصعب حتى تراجعت عنه مساء أمس لتخضع بذلك للمخابرات الإسرائيلية التي مارست وعلى ما يبدو سطوتها أيضا على إدارة مستشفى “كابلان” الإسرائيلي الذي أوعز عصر أمس بضرورة الإفراج عنه، وطلبت من ذويه إحضار “سيارة إسعاف” لنقله.

وبرباطة جأشه يصف الحاج توفيق أن ما يجري “انتصار” لنجله و”تخبط” لإسرائيل، وقال للجزيرة نت إن سلطات الاحتلال وفور قرار المحكمة والمخابرات، أعادت تقييد نجله وتكبيل قدميه ويديه في سرير المشفى فين يواصل هو إضرابه عن الطعام رغم تدهور وضعه الصحي.

تدهور خطير
ونقل الأسير الأيام الأخيرة من “عيادة سجن الرملة” لمشفى “كابلان” بمدينة تل أبيب بعد دخوله بالإضراب عن الماء لأربعة أيام مما فاقم خطورة وضعه الصحي حيث فقد أكثر من أربعين كيلوغراما من وزنه، وسط تحذيرات حقوقية من إطعامه “قسرا”.

وبخوف شديد وقلق أيضا يتابع والده وعائلته وضع ابنهم ويترقبون انتصاره رغم الحزن الكبير الذي يخيم عليهم بعد تردي حالته، وتشد من أزرهم قوافل المتضامنين والمؤازرين لهم من القرية وخارجها.

 والد الهندي وشقيقه (الجزيرة)
والد الهندي وشقيقه (الجزيرة)

ولا يرى والده هدفا من اعتقال نجله، ويقول إنه وكلما ساءت الأوضاع السياسية وتصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية من طعن وتفجير وغيره وجد الاحتلال بنجله والعشرات من أمثاله طعما وصيدا ثمينا للاعتقال لتفريغ الحقد وتعزيز الانتقام، واعتبر ذلك “دليلا على عجزهم”.

ويسجل الأسير باعتقاله هذا 24 أمر اعتقال إداري قضى بموجبها ثمانية أعوام بسجون الاحتلال، ولهذا لا يجد والده تفسيرا أو مبررا لاعتقاله الإداري ويقول “كل ذلك لتمنع مخابرات الاحتلال عن نفسها أية مشقة باعتقاله والتحقيق معه”.

ويقبع في سجون الاحتلال ما يزيد على خمسة آلاف أسير بينهم نحو أربعمائة أسير إداري وهو “أمر عسكري” يستخدمه الاحتلال سلاحا لتعذيب الفلسطينيين واعتقالهم بلا سبب لردعهم.

ومثل الهندي يواصل رفيقه أحمد زهران من بلدة دير أبو مشعل قضاء رام الله إضرابه عن الطعام منذ 75 يوما، وهو بذلك يضاف لقائمة طويلة من الأسرى خاضوا إضرابات لأسابيع وشهورا رفضا لاعتقالهم إداريا.

معارك
وتعد عطاف عليان أول من أضرب عن الطعام رفضا للاعتقال الإداري عام 1999 لنحو سبعين يوما، كما يوصف الشيخ خضر عدنان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي بمفجر “معركة الأمعاء الخاوية” بإضرابه الشهير والمتواصل عن الطعام 67 يوما عام 2011، تلاه إضراب حسن الصفدي وطارق قعدان وجعفر عز الدين وثائر حلاحلة والصحفي محمد القيق والمحامي الأسير محمد علان ومعظمهم فاقوا السبعين يوما ومنهم من كرر إضرابه باعتقالات لاحقة.

ويقول الخبير بشؤون الأسرى فؤاد الخفش إنه ورغم ذلك لم يعد يكترث الاحتلال بهذه الإضرابات، وإن رفع سقف الإضرابات الفردية زاد من تعنته، وبدأ يستجيب ويفاوض الأسرى بعد شهرين ونصف الشهر من إضرابهم محاولا كسر إرادتهم.

 فعالية تضامنية بمدينة نابلس (الجزيرة نت)
فعالية تضامنية بمدينة نابلس (الجزيرة نت)

ويقر الخفش في حديثه للجزيرة نت “بالعجز” المحلي والدولي بالضغط على إسرائيل لوقف الاعتقال الإداري، وأن ذلك مرده عدم التحرك الواسع والكافي شعبيا ورسميا تجاه الأسرى، وقال “حين كانت موجة الاحتجاج الفلسطينية عام 2011 عارمة وصلت قضية خضر عدنان للعالم ومارست هيئات أممية ومؤسسات دولية ضغوطا كبيرة على إسرائيل للإفراج عنه”.

مقاطعة القضاء
أما رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس فاعتبر أن قرار المحكمة الإسرائيلية ليس سوى طريقة تتنصل فيها الأجهزة القضائية للاحتلال من مسؤوليتها تجاه مصير الهندي، ودليلا جديدا على التواطؤ في ترسيخ سياسة الاعتقال الإداري.

وأضاف في بيان له وصل الجزيرة نت نسخة منه أن هذه القضية تتطلب مقاطعة الجهاز القضائي للاحتلال مجددا، وتحديدا فيما يتعلق بقضية الاعتقال الإداري، وعدم التعامل معها لأنها مجرد أداة تعمل لدى مخابرات الاحتلال “الشاباك” وهذا ما تثبته يوميا عبر قراراتها.

بإيمانه العميق، يدرك الحاج توفيق أن مصعب “منتصر” لا محالة لكن ذلك لا يمنع تخوفه وعائلته من خطر حقيقي يداهم نجله ويترك الباب مشرعا لاحتمالات كثيرة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى