إقتصادسورياكتاب وآراء

الحكومة السورية .. والرّمَدُ أفضل من العمى!

 

دمشق – كامل صقر: ربما يكون الصمت الحكومي حول ما شهدته الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية خياراً تقليدياً اعتادت عليه في هكذا ظروف، فكان أن ابتعد أو امتنع حاكم المصرف المركزي عن الإدلاء بتصريحات إعلامية ذات جدوى. واستمرت أجهزة الحكومة تتحدث بالعموم عن الطارئ الجديد دون أن تقترب من عمق ما يواجه ليرة النَّسر. ولكن، ليس عيباً على الحكومة القولُ أن احتباس الدولار داخل خزائن المصارف اللبنانية وامتناعه عن دخول الأراضي السورية منذ شهر ونصف هو العامل الأبرز في صعود سعره أمام الليرة مؤخراً. وليس مُخجلاً أن تقول الحكومة أيضاً أن هنالك سبباً آخر ذي أهمية بالغة في صعود الدولار، يتمثل بأن دمشق تستورد الآن مشتقات النفط لشتاء هذا العام وهذا يحتاج للمزيد من الدولارات لاسيما وأن الخط الائتماني الإيراني قد انصرف عهده قبل عامين. طبعاً دون أن تنسى الحكومة إخبارنا عن تأثير المضاربين داخل السوق وعن استيراد الكثير من المواد الضرورية وغير الضرورية بالدولار، وعوامل أخرى من مخلفات الحرب التي لم تنتهِ بعد.
نعم، تدرك الحكومة السورية في قرارة نفسها أن مواجهة الدولار مهمّةٌ عسيرة وموحشة وتحتاج أسلحة ثقيلة ليست متاحة الآن، من تلك الأسلحة مثلاً استعادة كامل الانتاج النفطي الموجود في الشرق السوري، واستعادة الانتاج الصناعي والزراعي واستعادة السياحة الخارجية وغيرها الكثير. لكنها(أي الحكومة) تتجه – أو هكذا يُفهم منها – نحو مسارٍ موازٍ لارتفاع الدولار يقوم على السعي للإمساك بالأسعار المنفلتة ومحاولة ضبطها بالقدر الممكن. تنجح أحياناً وتفشل أحياناً أخرى.. ملاحقة المستوردين ووكلاء البيع الرئيسيين ومن بعدهم محلات التجزئة ليست مجرّد سباق عاديّ في مضمار الأسعار، القصة تنطوي على مكاسرة بين الدولة والسوق التي لا تريد أن تنضبط بما فيها من تجار بمستويات مختلفة بعضهم من فئة الخمسة نجوم وصولاً إلى تجار النصف نجمة.
المعلومات المؤكدة أن الحكومة أبلغت معامل تجميع السيارات في سورية – كلهم دون استثناء – بأن يوقفوا استيراد قطع السيارات وأن يستمروا بعملية التجميع بما لديهم في مخازنهم فقط، تلك محاولة لمنع استمرار نزيف الدولار إلى الخارج. يمكن للحكومة أيضاً أن تُغلق أبواباً تأتي منها ريح الإرتفاع الدولاري أي أن توقف استيراد مواد يمكن الاستغناء عنها.. عموماً، عاد وهبط سعر الدولار خلال اليومين الفائتين أكثر من مئتي ليرة، والرّمَد أفضل من العمى.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى