كتاب وآراء

وفي النهاية انتصرت المؤسسات (الوطنية والقومية) على ترامب

محمد صالح الفتيح*

في الدول المتخلفة، مثل الشرق الأوسط، العربي والإسلامي، ومجاهل أفريقيا، تمسخ المؤسسات ويهيمن القادة الأفراد، وفي الدول المتقدمة، المؤسسات هي من ينتصر، في النهاية، ودائماً. ترامب حتى الآن صامت. لم يظهر الابتهاج المتوقع منه، بحسب الرواية التي تقول أنه أمر باغتيال سليماني لأسباب داخلية أميركية (خضوعه للمحاكمة واقتراب الانتخابات). اغتيال سليماني كان بامتياز قرار دولة الأمن القومي. ترامب بات أسيرها وأسير الحزب الجمهوري على عكس ما حصل في السنوات الثلاث السابقة.

ملامح التغيير ظهرت في سورية التي نجحت دولة الأمن القومي بالحفاظ على الثقل الاستراتيجي للانتشار العسكري الأميركي وزادته من الناحية النوعية (مروحيات ومدرعات وفتح ملف النفط) وزادت من حجم التدويل عبر غض النظر عن المنطقة الأمنة التركية التي تفتح باباً واسعاً للتدخلات الخارجية وإعادة رسم الديموغرافية. زيادة التدويل في سورية يقوض الاستراتيجية الروسية الساعية إلى امتلاك جميع الأوراق في الملف السوري. لهذا فالحديث عن قواعد عسكرية أميركية أخليت على عجالة ودخلها الجنود الروس لم يكن سوى استعراض إعلامي أميركي ناجح. ظهرت ملامح التغيير في ليبيا التي كانت أولى ملامح سياسة ترامب فيها، في 2017، وقف التعاون العسكري مع حكومة الوفاق وتنفيذ عمليات عسكرية ضد الإسلاميين الموالين لها وفتح باب التنسيق مع حفتر. لم يكن ترامب يرغب بأن يصبح الوجود الروسي في ليبيا ذريعةً لتدخل عسكري مباشر أو غير مباشر، من الولايات المتحدة أو الناتو. إلا أن هذا ما بدأ يحصل الآن فعلاً. كما ظهر إذعان ترامب للمؤسسات في إقراره قانون قيصر وقانون العقوبات على مشاريع الغاز الروسية إلى أوروبا.

والآن إلى أين؟ سيكمل ترامب مسيرة التحول إلى رونالد ريغان آخر. رئيس كاريكاتوري مغيب ومؤسسة عسكرية وأمنية تسعى لإعادة فرض صورة الردع الأميركية في العالم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى