كتاب وآراء

غني: “وطني حبيبي الوطن الأكبر” لكن تجول فيه بدون جواز سفر عربي!

غني: “وطني حبيبي الوطن الأكبر”
لكن تجول فيه بدون جواز سفر عربي!

حافظ الميرازي*

تونس كانت مقر الجامعة العربية كل عقد الثمانينيات، بدلا من القاهرة التي عوقبت بهذا النقل للمقر الدائم عام ١٩٧٩ بمجرد توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل. لكن بعد أن حرر الأمريكيون الكويت بحربهم على العراق عام ١٩٩٠ اعاد العرب جامعتهم للقاهرة في نفس العام.
هكذا بدت تونس رمزا لمن يحمل الشعلة العربية إن خفّ لهيبها في القاهرة.

لو أردت الحكم على مدى متانة علاقات الشعبين بمدى ازدحام طائرتي الخطوط التونسية ومصر للطيران يوميا وارتفاع سعر التذكرة، ستفرح بأنها علاقة جيدة رغم التحولات السياسية بمصر ٢٠١٣ وازاحة الجيش للإسلاميين المنتخبين من الحكم، بينما زاد في تونس نصيب الإسلاميين في الحكم بالانتخابات.

لكن الواقع ان الحكومة التونسية أرادت عقاب المصريين، نكاية في حكومتهم وحاكمهم. ويقول دبلوماسيون مصريون ان تونس هي التي بدأت بالتشدد في إعطاء تأشيرات سياحية للمواطنين المصريين، وليس الدبلوماسيين او المسئولين.
سرعان ما رد المصريون بالمثل، وعقدوا منح تأشيرات التوانسة.

والمفارقة، ان الحقوقية التونسية البارزة امال قرامي، والمعروفة بعداء الإسلاميين لها وكتاباتها، خصوصا تجاه النهضة التونسية، رفضت القاهرة رغم ذلك منحها تأشيرة دخول لمصر، باعتبارها تونسية. والأغرب أنها تقول إن مناسبة جمعتها لاحقا بوزير الخارجية المصري سامح شكري فأبدى لها اسفه الشخصي لعدم السماح بدخولها مصر، لمعرفته بمكانتها وتقديره لمواقفها، لكنه لا يملك تغيير هذا القرار!

أعود إلى “وطني حبيبي الوطن الأكبر”.. دخلت تونس بسهولة مثلما ادخل مصر او اي بلد عربي، ولم ادفع دينارا او جنيها للتأشيرة، بل ولا أذهب لأي سفارة عربية للحصول على تأشيرتها مسبقا بل أظهر في المطار، بينما زوجتي ومعارفي المصريون ينتظرون أسابيع بعد دفع أكثر من ألف جنيه للحصول على تأشيرة لن تأتي إلا للقليلين منهم!
أما الطائرات المزدحمة بالركاب بين مصر وتونس فأغلب ركابها ليبيون، يراعي الطرفان محنة بلدهم.

حل اللغز: وانا واقف في طابور (صف) فطائر البامبلوني في سيدي بوسعيد، أحاط بي ثلاثة ليبيين يتراهنون. احدهم: هل انت مصري؟ قلت: نعم.
صاح فرحا وحضنني وسط اسف زميليه. ثم أوضح لي السبب: لقد كسبت الرهان. قالوا عنك لا يمكن تكون مصري، لأن المصاروة لا يحصلون على تأشيرات دخول لتونس. واجابتك اكسبتني الرهان!
قلت له: لا تستعجل، في الواقع هذا وطني العربي الكبير أتجول او اتسوح فيه براحتي دون حتى تأشيرة بهذا الباسبور..
وأخرجت من جيبي جواز سفري الامريكي!
فانقلب السحر على الساحر، وهلل الصامتان، وانتكس المهلل الاول.. وكان دوري قد اوصلني إلى بائع البامبالوني، فانشغلت به عنهم مكتفيا بالطعام والدندنة:
أمجاد يا عرب امجاد
في بلادنا كرام أسياد..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى