غزة

في قطاع غزة المحاصر من الكيان الاسرائيلي الغاصب: سيارة سباق دون مضمار

بصبر وهدوء يعكف الأربعيني محمد الضبة على إعادة تهيئة نظام التعليق في مركبته الرياضية التي صنعها من الصفر، بعد أن حصل على قطع غيار كان ينتظرها بفارغ الصبر لتصل إليه، وتصبح سيارته أخف وزنا وأكثر سرعة.

ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي طال جميع أشكال الحياة والصناعات منذ عام 2007، واجه خلاله ثلاث حروب قاسية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بشكل كبير.

صناعة يدوية
سيارة الضبة مشهورة في غزة بسبب فرادة شكلها، ولكنها لم تجد مكانا خاصا كون قطاع غزة المحاصر لا مكان فيه لسباقات الرالي، أو حتى تجمعات محلية للمهتمين بها والشغوفين بصناعة سيارات السباق.

 الضبة صنع سيارته بأدوات بسيطة وبدائية (الجزيرة)
الضبة صنع سيارته بأدوات بسيطة وبدائية (الجزيرة)

ورغم كل ذلك ما زال محمد الذي ولد وترعرع في موريتانيا لأسرة تعمل في مجال المركبات والحديد، يواكب كل جديد في مجال سيارات السباق، من أجل إضافة التعديلات على سيارته الخاصة داخل ورشته الصغيرة أسفل منزله.

صنع الضبة السيارة اللافتة للنظر بإمكانات ومعدات بسيطة، استطاع من خلالها صناعة الهيكل الخارجي، مستعينا ببعض القطع من السيارات الأخرى وعلى رأسها المحرك، في تكلفة وصلت إلى ثمانية آلاف دولار.

ويرى الضبة في حديثه للجزيرة نت، أن تكلفة سيارته بسيطة بالمقارنة بسيارات السباق العالمية التي يحلم أن يشارك في بطولة لها ويقود إحداها، مبينا أنه حتى بإمكانيات سيارته العادية لم يستطع الحصول لها على ترخيص في قطاع غزة كونها مصنعة محليا ولا تنطبق عليها الشروط المعمول بها في الوزارات.

متنفس وحيد
عامان من العمل الشاق والانتظار والتجهيز قضاهما الضبة في صناعة سيارته الرياضية، لكنه لم يجد لها مكانا على الطريق، فكان متنفسه الوحيد رمال الشاطئ، حيث ترقبه عيون وهواتف المصطافين، وهو يقوم بحركات التفافية سريعة.

 الضبة يعيد تهيئة نظام التعليق في مركبته الرياضية (الجزيرة)
الضبة يعيد تهيئة نظام التعليق في مركبته الرياضية (الجزيرة)

وعن إمكانيات سيارته يقول الضبة، إنها “تملك محركا يعمل بمستوى قوة 160 حصانا، فيما تصل سرعتها القصوى إلى 260 كيلومترا بالساعة، ولديها القدرة والمرونة للسير على الرمال وفي المناطق الوعرة بسهولة وانسيابية”.

تصفيق الحاضرين واستمتاعهم وهو يؤدي الحركات على رمال الشاطئ، أرضت طموح محمد ولو قليلا، كون شعبيته زادت، وأصبح انتظار الناس له على الشاطئ لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو عادة.

على طريق الرالي
وعن سبب صناعته للسيارة يروي الضبة، “بعد عودتي من موريتانيا في سن 18 عاما، كنت قد شاهدت الكثير من سباقات الرالي، واستمتعت بقيادة بعض المركبات الرياضية كذلك، لذا بدأت أطبق ما تعلمته في المركبات مع عائلتي في صناعة سيارتي الخاصة”.

ويحلم الضبة أن تعرض سيارته في معرض الصناعات الوطنية الفلسطينية، ليلفت الأنظار إلى موهبته آملا أن يتم دعمه للمشاركة في أحد السباقات العربية أو الدولية للهواة، لكنه لم يفلح في ذلك، ناهيك عن عدم قدرته على الحصول على ترخيص خاص بسيارته.

ويؤكد صانع السيارات الرياضية أن معظم المشاركين في السباقات العالمية الخاصة بفئة سيارته مثل “رالي دكار” و”سباق الباها” هم من الهواة مثله، لكن الإمكانيات والدعم متوفران لهم، وكذلك القدرة على السفر بحرية، الأمور غير المتوفرة في غزة.

أحلام محاصرة
حاول الضبة خلال السنوات الماضية إنشاء ناد خاص بأصحاب سيارات السباق والدفع الرباعي في قطاع غزة، وأطلق عليه اسم “نادي غزة للرياضات الميكانيكية”، لكنه لم يستمر طويلا بسبب عدم تمكنهم من تنظيم سباقات خاصة بهم.

 الضبة يحلم أن تعرض سيارته في معرض الصناعات الوطنية الفلسطينية (الجزيرة)
الضبة يحلم أن تعرض سيارته في معرض الصناعات الوطنية الفلسطينية (الجزيرة)

ويتساءل “لماذا لا يكون لنا في غزة ناد ترعاه وزارة الشباب والرياضة مثلا، على غرار فريق فلسطين للدفع الرباعي الموجود في الضفة الغربية، للمشاركة في السباقات أو حتى تنظيم فعاليات محلية يتم فيها تبادل الخبرات على أقل تقدير؟”.

وخلال حديث الضبة عن أحلامه انقطع التيار الكهربائي عن ورشته الصغيرة وانعدمت الرؤية، فابتسم  بحسرة، وأخذ يبحث عن هاتفه ليضيء لنا طريق الخروج، فما بقيت آماله هناك في العتمة.

ومن أبرز مظاهر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بشكل يومي، بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى