الكويت

قبل بدء الحظر الشامل بالكويت.. زحام بكل مكان وطوابير طويلة لشراء المواد الغذائية

تحوّلت المتاجر الغذائية في الكويت إلى ساحات يزدحم فيها المئات بل الآلاف أحيانا لشراء احتياجاتهم، في سباق مع حظر التجوال الشامل والمحدد الذي يبدأ عصر الأحد ويمتد حتى 30 مايو/أيار الجاري.
ومع تسريب أخبار يوم الجمعة تفيد بعزم الحكومة إصدار حظر القرار، بدأ الزحام والتدافع نحو الأسواق، ووصل الأمر إلى حد بقاء المتسوقين لأكثر من ساعتين في طوابير الانتظار في الأسواق الكبيرة مثل “كارفور” و”لولو هايبر ماركت” وغيرهما.
ولم تمض إلا ساعات حتى قطعت الحكومة الكويتية الشك باليقين، فأصبح الزحام السمة في كل مكان بالبلاد.
طوابير على الخبز، وأخرى للحصول على غاز الطبخ، وثالثة أمام الجمعيات التعاونية، وشوارع توقفت فيها حركة السير تقريبا، ولم يخل الأمر من مشاحنات سببها التسابق لشراء كل ما تطاله الأيدي بعد فترة انتظار امتدت لأكثر من 3 ساعات أمام بعض الأسواق، رغم حرص الحكومة على طمأنة الجميع بشأن الحصول على المواد الغذائية طوال أيام الحظر.
مبررات الحظر الشامل
وعودة للقرار، تبدو المبررات الحكومية مقنعة، فمع اكتمال خطة إجلاء العالقين من أبناء الكويت، وجدت الحكومة نفسها أمام ازدياد مطرد في عدد الإصابات سواء على محور العمالة أو بين المواطنين أنفسهم.
وسجلت الأيام الخمسة الماضية وحدها 2318 إصابة بواقع 526 يوم الثلاثاء و485 يوم الأربعاء و278 الخميس و641 يوم الجمعة، في حين أعلنت الوزارة تسجيل 415 حالة السبت ليبلغ إجمالي الحالات التي ثبتت إصابتها منذ بدء الأزمة 7623 حالة بينها 2622 حالة تم شفاؤها.
“قرار الحظر الشامل جاء متأخرا”، بحسب استشاري الأمراض المعدية الدكتور غانم الحجيلان. أما سبب اتخاذه في الوقت الحالي فيكمن في عدم التزام الكثيرين بالحظر الجزئي منذ بداية شهر رمضان تحديدا لدرجة اكتظت معها الأسواق والجمعيات التعاونية، بل ازدادت وتيرة تبادل الزيارات العائلية من قبل البعض، الأمر الذي أشعر السلطات الصحية بالخطر في ظل تضاعف أعداد المصابين في فترات متقاربة.
ووفقا لحديث الحجيلان للجزيرة نت، فإن المأمول هو أن يسهم الحظر الكلي في كبح الاحتكاك الزائد بين الناس وفرض التباعد الاجتماعي.
لكن المشكلة تكمن أيضا فيما شهدته الأسواق خلال الساعات الماضية من زحام يتوقع أن يؤدي إلى تزايد أعداد الإصابات حتى في ظل التزام المتسوقين بارتداء الكمامات والقفازات، وذلك “بسبب سوء استخدامهما وملامسة البعض الوجه أو عدم التخلص منهما بطريقة سليمة”.
والزحام لا يؤرق الأطباء وحدهم، إذ أكد رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية مشعل السيار أن تعامل الجمهور مع قرار الحظر لم يكن احترافيا خاصة وأنهم اعتادوا الشراء طوال فترة الحظر الجزئي من دون مشاكل.
واعتبر أن تطبيق الحظر على الفور مع ترتيب عملية الشراء من الجمعيات من خلال الحجز المسبق كان يمكن أن يجنب الأسواق ما شهدته خلال الساعات الماضية.
وعلى مستوى المخزون الإستراتيجي، أكد السيار للجزيرة نت “أنه يكفي لـ6 أشهر وهو يتحسن يوما عن يوم”، موضحا أن عملية الشراء ستتم فور تطبيق الحظر على فترتين صباحية من التاسعة صباحا وحتى الثالثة عصرا، ومسائية من الثامنة وحتى الواحدة والنصف صباحا عبر “الباركود” الخاص بالحجز المسبق.
أسباب نفسية
في المقابل يلتمس المختصون في علم النفس والاجتماع العذر للجمهور فيما حدث، إذ يرون في التجمعات غير المسبوقة ردة فعل طبيعية في ظل هذه الظروف التي يعيشها العالم حاليا وما يصاحبها من هلع عام.
وفي حديث للجزيرة نت، يحدد عميد كلية العلوم الاجتماعية الدكتور حمود القشعان أربعة أسباب تقف خلف حالة الهلع العام التي انتابت الجميع، وهي: القرار المفاجئ، وغموض الحلول، والضغط النفسي الناجم عن حالة العجز في مواجهة هذا الفيروس، وأخيرا “الخوف على الرزق والحياة”.
وبحسب القشعان، فإن الحكومة لم يكن أمامها بديل أو طريقة أخرى يمكن معها تقليل التدافع والزحام، خاصة وأننا نعيش في ظروف أزمة بحجم وباء كورونا.
بدورها رأت أستاذة علم الاجتماع الأسري في جامعة الكويت الدكتورة سهام القبندي أن سلوكيات الإنسان هي رد فعل لما ينتابه من مشاعر ودوافع وأحاسيس، إذ هناك حالة هلع عالمية مردها القلق والضبابية والخوف من المجهول، وهي أمور تجعل سلوك الإنسان يختلف عن المتوقع.
وتضيف القبندي للجزيرة نت أن التهافت على شراء السلع مرده الهلع والخوف والشعور بعدم الثقة من القادم بشأن الخروج من الأزمة في ظل الغموض الذي يكتنف أسباب تفشي الفيروس وغياب الدواء حتى الآن وزيادة أعداد الوفيات.
وتشير القبندي إلى أن الشراء في حد ذاته حيلة دفاعية نفسية للتعامل مع مشاعر الخوف التي تسيطر على البعض، “من دون أن نغفل كذلك تأثير التقليد وما يمكن وصفه بعقلية القطيع وما ينجم عنها من تدافع على الشراء وكأن بعض السلع ستختفي من الوجود”.
ويحتم هذا الوضع وجود تعامل حكومي يقوم على الشفافية والتأكيد على أن حاجات الإنسان على اختلافها هي من اهتمامات الحكومة وصناع القرار لما لذلك من تأثير على مستوى الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي، حسب القبندي.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى