افغانستان

القوات الأفغانية ستستأنف علمياتها الهجومية بعد مقتل أطفال ومشيّعين في هجومين مروّعين

اقتربت عملية السلام المتعثرة في أفغانستان أكثر فأكثر من الانهيار الثلاثاء بعد إصدار الرئيس الأفغاني أشرف غني أوامر لقواته باستئناف العلميات الهجومية ضد المتمردين ردا على هجومين استهدفا مستشفى للتوليد وجنازة.

وقُتل 14 شخصا على الأقل بينهم رضع وممرضات حين اقتحم مسلحون مستشفى توليد في كابول فجر الثلاثاء كما أعلن مسؤولون. وبعيد ذلك وقع تفجير انتحاري خلال جنازة في شرق البلاد ما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين مشيعا.

لم تتبن أي جهة على الفور الهجومين، لكن تنظيم الدولة الإسلامية أعلن ليلا مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف جنازة قائد للشرطة في ولاية ننغرهار، أوقع إضافة إلى القتلى عشرات الجرحى.

وحمّل الرئيس الأفغاني المسؤولية لحركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية.

وقال غني في خطاب متلفز “لقد شهدنا اليوم هجمات إرهابية نفذتها مجموعتا طالبان وداعش على مستشفى في كابول وجنازة في ننغارهار وكذلك هجمات أخرى في البلاد”.

وأمر غني قوات الأمن الأفغانية بوضع حد لقرار “التزام الوضعية الدفاعية” وبـ”العودة إلى الوضعية الهجومية واستئناف عملياتها ضد العدو”.

ويأتي هذا التغيير في الموقف بعد أشهر من التزام الجيش الأفغاني بالرد الدفاعي فقط على أي هجمات تشنها طالبان.

وكان هدف تلك الخطوة إظهار حسن نية قبل بدء محادثات سلام محتملة، لكن حركة طالبان لم تبادر بالمثل وقامت بدلا من ذلك بشن سلسلة هجمات بدأت مع توقيع المتمردين اتفاقا مع الولايات المتحدة.

– أمهات ورضّع –

الهجوم الأول الثلاثاء وقع حين اقتحم مسلحون مستشفى بارشي الوطني في كابول فيما كان الأهالي يحضرون أطفالهم وبعضهم من حديثي الولادة لمواعيد مع الأطباء.

وقالت وزارة الداخلية إن ثلاثة مسلحين حاصروا مستشفى بارشي الوطني في كابول لساعات بعد الهجوم الذي وقع في الصباح الباكر قبل أن تقتلهم قوات الأمن في عملية تطهير.

وشوهد عناصر أمن مدججون بالسلاح وهم يحملون مواليد بعيدا عن المكان وقد لُفَّ واحد منهم على الأقل بغطاء مغطى بالدماء.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية طارق عريان إن “بين القتلى أيضا أمهات وممرضات”. واضاف ان نحو 15 شخصا اصيبوا بجروح وأمكن إنقاذ اكثر من 100 شخص بينهم ثلاثة اجانب.

يقع مستشفى التوليد في غرب كابول، حيث يعيش أفراد أقلية الهزارة الشيعية التي تتعرض باستمرار لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية.

وتحدّث طبيب فر من المستشفى عن سماعه دوي انفجار عند المدخل. وقال طبيب الأطفال الذي طلب عدم ذكر اسمه “كان المستشفى مليئا بالمرضى والأطباء، عمّت حالة من الذعر في الداخل”.

ويحظى المستشفى بدعم منظمة أطباء بلاد حدود الدولية وكان عدد من الأجانب يعملون فيه.

وهجوم الثلاثاء هو الأحدث على مؤسسة تابعة للقطاع الصحي المنهك بالفعل في البلاد إذ وقعت المنشآت والطواقم الصحية بشكل متكرر ضحية هجمات أو إطلاق النار بين أطراف النزاع خلال عقود من الحرب في البلاد.

وقال نائب وزير الصحة في كابول وحيد مجروح “يجب ألا تتعرّض المستشفيات والطواقم الصحية لهجمات. ندعو جميع الأطراف للتوقف عن مهاجمة المستشفيات والموظفين الصحيين”.

وبعد نحو ساعة من الهجوم على كابول، قتل انتحاري 24 شخصا على الأقل خلال جنازة قائد شرطة محلي في ولاية ننغرهار في شرق البلاد، وفق ما أفاد المتحدث باسم حاكم الولاية عطاء الله كوغياني.

وفجّر الانتحاري نفسه وسط الجنازة.

وأفاد أحد المشاركين في الجنازة التي قال شهود إنها ضمّت آلاف المشيعين أنه سمع انفجارا قويا ورأى مئات الأشخاص مرميين على الأرض.

ونفت حركة طالبان مسؤوليتها عن أي من الاعتداءين.

– مصير عملية السلام-

ا ف ب / سترعناصر أمن أفغان في موقع الهجوم خارج مستشفى في كابول بتاريخ 12 أيار/مايو 2020

تثير أعمال العنف هذه أسئلة جديدة حول مصير عملية السلام التي باتت مهددة.

وتجنّبت طالبان شن هجمات كبيرة في المدن الأفغانية منذ شباط/فبراير حين وقع ممثلوها على اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة من المفترض أن يمهّد الطريق لعقد محادثات سلام بين الحركة والحكومة الأفغانية.

وتعهّدت طالبان بموجب الاتفاق بعدم استهداف قوات التحالف الذي تقوده واشنطن، لكنها لم تقدّم تعهّدا مماثلا تجاه القوات الأفغانية بينما كثّفت هجماتها في الولايات.

ويفترض بموجب الاتفاق مغادرة جميع القوات الأميركية والأجنبية أفغانستان خلال العام المقبل. وقد غادر الآلاف من القوات الأميركية بالفعل، مع توقع خفض القوات إلى 8600 في غضون أشهر.

وحضّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء الحكومة الأفغانية وحركة طالبان على التعاون بعد الهجومين اللذين وصفهما بأنهما “مروّعين” وأشار إلى أن طالبان نفت مسؤوليتها عن الاعتداءين.

وجاء في بيان لبومبيو أن “طالبان والحكومة الأفغانية يجب أن تتعاونا من أجل سوق المرتكبين إلى العدالة”.

وقال المتحدث باسم البنتاغون اللفتانت كولونيل توماس كامبل إنه بموجب الاتفاق “سيواصل الجيش الأميركي القيام بضربات دفاعية ضد طالبان حين تقوم بمهاجمة” شركائه الأفغان.

وشبّه الخبير في معهد “أميركان إنتربرايز” مايكل روبن عملية السلام في أفغانستان بمريض في حالة غيبوبة سريرية “لا يرغب أحد بفصل الأجهزة التي تبقيه حيا ويأمل الجميع أن يرى رمشة من عينيه”.

لكنّه أكد أن ما من خيار أمام غني سوى العودة إلى ساحات المعارك.

وقالت لوريل ميلر مديرة برنامج آسيا لدى مجموعة الأزمات الدولية “انترناشونال كرايسيس غروب” إنها لا تزال تأمل في استمرار عملية السلام لكنها عبرت عن قلقها من انها قد تكون “تتلاشى”.

وتأتي أعمال العنف الأخيرة بعد يوم على انفجار أربع قنابل زرعت على جانب طريق في حي بشمال كابول، ما أسفر عن إصابة أربعة مدنيين بجروح بينهم طفل.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية لاحقا مسؤوليته عن تفجيرات الاثنين، وفق مجموعة “سايت” الأميركية لمتابعة المواقع الجهادية.

وكانت التفجيرات الأخيرة ضمن سلسلة هجمات نفّذها تنظيم الدولة الإسلامية في العاصمة.

ففي آذار/مارس، قتل 25 شخصا على الأقل على أيدي مسلّح داخل معبد للسيخ في هجوم تبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى