إقتصاد

توقفت أجورهم وتراكمت ديونهم.. القلق يجتاح العمالة الوافدة بالإمارات

أثارت أزمة كورونا القلق لدى العمالة الوافدة في الإمارات، الذين وجدوا أنفسهم عاطلين فجأة عن العمل، وتراكمت الديون على كثيرين منهم، وهم في انتظار صرف أجورهم.

فقد كانت لأزمة فيروس كورونا تداعيات كبيرة على اقتصاد منطقة الخليج، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على العمالة الوافدة بأجور زهيدة.

ويمثل العمال الوافدون عصب الاقتصاد في الخليج، حيث يعملون في مجالات البناء والخدمات والنقل، ووجدوا أنفسهم الآن وجها لوجه مع الحقائق التي أوجدتها الجائحة.

وقال أحد العاملين، ويدعى قابيل، إنه رحل عن قريته في نيبال وترك زوجته وابنه البالغ من العمر 5 سنوات للعمل في رصّ البضائع بأحد المطارات في دولة الإمارات، واعتقد أنه ضمن مستقبلا آمنا لنفسه ولأسرته.

غير أنه أصبح يتساءل -بعد مرور أقل من عام على وصوله إلى مركز السياحة والأعمال في الشرق الأوسط- هل كان سفره من بلاده قرارا صائبا بعد علمه أنه لا عمل له هذا الشهر؟

وحاورت رويترز أكثر من 30 عاملا في دبي وأبو ظبي والشارقة، وقالوا جميعا إنهم يتحملون الآن آثارا نجمت عن انتشار فيروس كورونا، وتراكمت الديون على كثيرين منهم، بل بلغ الأمر بهم حد الجوع، لولا مساعدات الجمعيات الخيرية، وهم في انتظار العمل وصرف الأجور.

وقال بعضهم إنه لا يجد مبررا للبقاء من دون عمل، ويريد العودة إلى وطنه رغم عدم تقاضي أجوره منذ أشهر، بل سافر بالفعل مئات الآلاف إلى بلادهم.

لا وجود لشبكة أمان

وتقول رويترز إنه لا توجد في الإمارات شبكة أمان اجتماعي للوافدين، الذين يمثلون ما يصل إلى نحو 90% من السكان.

وقال عامل كاميروني يعمل في خدمات المغاسل إنه لم يتسلم أجره منذ أشهر، ويبيع الآن الفاكهة والخضراوات في الشارع ليحصل على ما بين 30 و40 درهما في اليوم (ما بين 8 و11 دولارا). ولم يرد مكتب الاتصال لحكومة الإمارات على استفسارات للوكالة بالبريد الإلكتروني عن أوضاع العمالة الوافدة.

ما لا يقل عن 200 ألف عامل معظمهم من الهند وباكستان والفلبين ونيبال عادوا لبلادهم بعد أزمة كورونا (رويترز)

تراكم الديون

أكثر العاملين عرضة للتأثر بالأزمة هم الذين يعملون في الأعمال اليدوية، فهؤلاء يحصلون على أجور منخفضة، ويعملون ساعات طويلة، ويقيمون في أغلب الأحوال في عنابر مزدحمة، كانت مراكز لانتشار فيروس كورونا.

ويدفع كثيرون منهم أيضا رسوما لمكاتب التوظيف في أوطانهم، وهو أمر شائع لتشغيل من يعملون في وظائف منخفضة الأجور بالخليج.

وقال قابيل إنه دفع لوكيل التوظيف في بلاده 175 ألف روبية نيبالية (1450 دولارا) للحصول على عمل في الإمارات، لكنه غير واثق الآن مما إذا كان سيعمل مرة أخرى، فقد قال صاحب العمل للعاملين إنهم لن يحصلوا على الأجر إلا عندما يعودون للعمل مرة أخرى.

وأضاف قابيل أن أجره كان نحو 600 دولار في الشهر، أي 6 أمثال الراتب الذي كان يتقاضاه من العمل بالتدريس في نيبال، مقابل العمل ما يصل إلى 12 ساعة يوميا، 6 أيام في الأسبوع بالمطار.

وتابع أن توقف العمل أصابه بالتوتر، وأعجزه عن إعالة زوجته وابنه ووالديه المسنين في نيبال، وطلب قابيل -الذي عرض على رويترز عقد العمل ووثائق أخرى- عدم نشر اسمه بالكامل أو اسم صاحب العمل؛ خوفا من العواقب التي قد يواجهها.

وكان قابيل وصل إلى الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واعتقد أنه سيعمل في المطار بضع سنوات قبل أن يجد عملا أفضل ربما يستغل فيه مهاراته في التدريس، والآن أصبح كل أمله العمل حتى نهاية العام لسداد ديونه.

واستطرد قابيل “الاقتصاد العالمي يتدهور، وهذا يؤثر على كل الأعمال، أعتقد أن من الصعب العثور على وظيفة أخرى في الوقت الحالي”.

أكثر العاملين عرضة للتأثر بالأزمة أصحاب الأعمال اليدوية بسبب الأجور المنخفضة والعمل لساعات طويلة (رويترز)

أجور لم تصرف

لا تتوفر إحصاءات رسمية عن عدد من غادروا الإمارات، غير أن ما لا يقل عن 200 ألف عامل -معظمهم من الهند وباكستان والفلبين ونيبال- عادوا لبلادهم، وفقا لما تقوله البعثات الدبلوماسية لهذه الدول.

وتعاني قطاعات مثل البناء وتجارة التجزئة من متاعب قبل أزمة كورونا التي تسببت في تفاقم مصاعب العمال المعرضين من قبل لتأخر صرف الأجور.

وقال محمد مبارك إنه لم يتقاض أجره منذ نحو 11 شهرا عن العمل في مجال الأمن بأحد المتنزهات في دبي، وأضاف مبارك (وهو غاني الجنسية) “الشركة لا تعرف متى ستتمكن من صرف الأجور لنا ونحن نعاني”.

وبدأت الإمارات في مايو/أيار الماضي تخفيف القيود الحكومية التي فرضت لاحتواء فيروس كورونا، وأرغمت الكثير من الأعمال على الإغلاق لأسابيع، وعاودت مراكز التسوق والمتنزهات المائية والمطاعم -وكلها تعمل بها عمالة وافدة- فتح أبوابها؛ الأمر الذي أثار الآمال في عودة الأعمال.

وقال باكستاني -اسمه ذو الفقار يعمل في دبي منذ 12 عاما- إنه أعاد أسرته إلى وطنه في بداية الأزمة، لكنه بقي على أمل العودة للعمل، وتقاسم الغرفة التي يعيش فيها وما تبقى من مال مع نحو عشرة آخرين من العاطلين عن العمل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى