الجزائر

الجزائٔر: جدل حول أزمة سيولة نقدية يشعل مواقع التواصل

تعيش الجزائر أزمة سيولة على مستوى مراكز البريد مع اقتراب عيد الأضحى، والذي يتزامن أيضا مع نهاية شهر يوليو/ تموز، وهو ما يعني توافد أعداد كبيرة من الجزائريين على مكاتب البريد من أجل سحب رواتبهم أو معاشات تقاعدهم، في حين تبقى تصريحات المسؤولين متذبذبة بين نفي وجود أزمة والاعتراف بأنها ظرفية وأنها مجرد تذبذب. وما زاد الطين بلة أن هذه الأزمة خلفت طوابير لا تنتهي أمام مكاتب البريد وداخلها، في وقت تزداد فيه أزمة فيروس كورونا انتشارا.

وقد أشعل هذا المشهد مواقع التواصل جدلا وتعليقا بين منتقد ومبرر وبين من ذهب ‘لى اعتبارها مؤامرة ضن مؤامرات أخرى، مثلما كتب نائب رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات عبد الحفيظ ميلاط، مما أثار رودود ساخرة، من بينها قول بعض المعلقين أن رئيس الوزراء نفسه يعترف بوجود مشكلة وفرة على الأقل في السيولة.

وقد ترأس الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أمس،  مجلسا وزاريا مشتركا خصص لدراسة وضعية وفرة السيولة في الشبكة البريدية أمام طلب الزبائن الذي يمارس عبر أصحاب الحسابات البريدية الجارية، وعددهم 22 مليون.

وأشار بيان لمصالح الوزارة الأولى إلى أن “الـمبلغ الإجمالي لعمليات سحب الأموال من مكاتب بريد الجزائر يبلغ نحو 400 مليار دينار كمبلغ متوسط في الشهر”.

وأضاف أن “الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا قد ترتبت عنها صعوبات إضافية ناجمة عن القواعد الجديدة لتنظيم العمل، واحترام التباعد الجسدي والولوج إلى مكاتب البريد.

وإلى كل ذلك، يضاف أيضا غياب جزء من الـمستخدمين من النساء اللواتي يتكفلن بحضانة أطفالهن وكذا الـمستخدمين ضحايا العدوى بكوفيد19.

وحسب ذات المصدر فإن “الوضع الراهن لا يُطرح من حيث توفر السيولة، بل هو بالأحرى نتيجة ظرف جد خاص مرتبط بآثار الوضعية الصحية التي تسببت في كبح عجلة الإقتصاد مع كل ما يترتب عن ذلك من عواقب على تداول السيولة واستعادتها.

وفي هذا السياق، أسدى الوزير الأول تعليمات إلى الدوائر الوزارية والـمصالح الـمعنية تتمثل في ضرورة السهر على تمديد دفع الرواتب والـمعاشات والـمساعدات الاجتماعية للدولة على طول الشهر كله، وتكييف مواقيت عمل مكاتب البريد وفق الطلب الـمعبر عنه”.

كما شدد على “توسيع الولوج إلى الشبابيك الآلية للبنوك من خلال التعجيل بتنفيذ التشغيل البيني للأنظمة النقدية لبريد الجزائر والبنوك”، داعيا إلى ” شراك الولاة في الإشراف على حركات الأموال، من خلال ضمان مرافقتها، بين الوكالات التي تتوفر على فوائض وتلك التي تعاني عجزا في السيولة.

ودعا الوزير الأول إلى “التعجيل بالـمسار الكفيل بالسماح للبنوك والمؤسسات الـمالية بدفع ما تتوفر عليه من فائض في الأموال إلى مكاتب البريد”، إضافة إلى “تشجيع الجهات الفاعلة في الـمجتمع الـمدني على تقديم الـمساعدة في تنظيم طوابير الانتظار خارج مكاتب البريد وفرض تطبيق قواعد التباعد الجسدي من خلال الاستعانة بمصالح الأمن الـمجندة باستمرار من أجل أمن الـمواطنين”.

وكانت أزمة السيولة قد بدأت منذ عدة أيام، ففي الوقت الذي كانت أعلنت فيه السلطات عن وقف سحب الأموال بشكل مباشر من داخل مكاتب البريد، ضمن إجراءات الوقاية والحماية من فيروس كورونا، والاكتفاء بآلات السحب الآلي، تبين أن معظم هذه الآلات لا تعمل، وذلك يعود بالدرجة إلى مشكل السيولة، فضلا عن عدم وجود ما يكفي من آلات السحب الآلي، لتعود عملية السحب بالطريقة القديمة من داخل المكاتب، وهو ما خلف اكتظاظا وتدافعا والتصاقا ذهبت معه قواعد التباعد أدراج الرياح، في وقت تسجل فيه جائحة كورونا أرقاما قياسية.

من جهته، نفى قبل أيام وزير البريد إبراهيم بومزار، وجود أزمة سيولة على مستوى مراكز البريد، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ“مشكل تعطيل في السيولة، والذي يعود إلى الظروف الراهنة المتعلقة بانتشار وباء كورونا”، معتبرا أنه من غير المعقول أن يتقاضى أكثر من 3 ملايين متقاعد أجورهم في يوم واحد، وأن هناك 27 مليون حساب جارٍ، ويتم التعامل بـ22 مليونا منها فقط.

ووعد بتعزيز مكاتب البريد وعصرنتها لتتماشى مع التطورات ومع طلب المواطن، موضحا أن الوزارة تسعى لرقمنة الـ4052 مكتب بريد الموجودة حاليا، وأنه يتعين على مؤسسة البريد تطوير وتوفير خدمات أخرى تستجيب لتطلعات المواطنين.

في المقابل، اعترفت إيمان تومي مديرة الاتصال في مؤسسة البريد، بوجود تذبذب على مستوى مكاتب البريد، موضحة أنه تم سحب 370 مليار دينار من مكاتب البريد منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي، وهو رقم مهم بالنظر إلى التذبذب الحاصل في السيولة النقدية، معتبرة أن هذا يسقط وصف الأزمة، ويصنف ما يحدث ضمن خانة الذبذب الظرفي.

وأضافت في تصريح لصحيفة ”الشروق” أن “بريد الجزائر وبنك الجزائر شكلا خلية عمل مهمتها استقبال كافة الشكاوى الواردة من المراكز وتوفير السيولة الناقصة بمجرد الإبلاغ عن أية أزمة، وهو ما سيحل المشكل تدريجيا”، مشددة على أن “الأزمة ظرفية وستنتهي بشكل تدريجي، خاصة بعد عودة النشاطات الاقتصادية التي كانت مجمدة منذ مارس/ آذار الماضي؛ لأن هذه الفترة عرفت عمليات سحب للأموال دون أن تكون عمليات لضخ الأموال بمستوى مماثل”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى