المعارضة الموريتانية والسعي لملاقاة الحظ.. في نصف الطريق
محمد ولد حامدينو*
موريتانيا تعيش حالة قلق سياسي عسيرة، تزداد حدة كلما اقترب تاريخ انتهاء مأمورية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الثانية والأخيرة بمقتضى الدستور.
حالة القلق هذه، تشمل كامل الطيف السياسي، ولكل منغصاته التي لا تتركه ينعم بهدوء البال وطمأنينة الفعل.
المعارضة التي واجهت امتحانات عسيرة في الماضي، باتت دون شك، تدرك أن كل أسلحتها، لم تجد نفعا في مواجهة نظام التف عليها مرات، ولعب على خلافاتها وانقساماتها مرات، ضرب بعضها ببعض في مرات، وناور بها جميعا، وبمختلف أطرافها مرات، وحصرها جميعا في زاوية ضيقة دون رحمة ولا ندم.
هذه المعارضة التي تتعدد أسماؤها، وتتباين رؤاها وتوجهاتها، ومستويات قربها وبعدها من النظام، لا يجمعها سوى هذا الإطار الهلامي الذي أكلت أطرافه التجارب المريرة، والباقي تقاسمته الطموحات الخاصة والحسابات الحزبية.
بعض أطرافها بدواعي الواقعية تهرول اليوم، في أثر من سبقوها إلى الحوار مع النظام، والمضي معه في كل أجندته، وبعضها الآخر، اعتادت التوجس والريبة، ومازالت مترددة، تراهن على الوقت في استجلاء بعض جوانب الصورة، رغم أن القطار انطلق، وبسرعة قوية.
ولكن شهوة الفرصة التي تلوح مع الرئاسيات المقبلة، والمتمثلة في إعلان الرئيس ولد عبد العزيز استعداده لترك الرئاسة وفق الدستور، وما تبع ذلك من خلافات داخل اغلبيته على تسيير خلافته، يجعل كل المعارضة، تفكر ثم تفكر وتنظر.. علها تقتنص السانحة، وتصل إلى السلطة.
لكن شهوة السلطة فعلت فعلها، حتى من قبل أن يتنسم عبيرها أي من الأطراف المعارضة، ما جعل بعض هذه الأطراف، يفكر من الآن في التغريد منفردا، عله يصل القمة وحيدا، دون منة من أي كان، حتى من أقرب حلفاء الأمس.. وفي سبيل ذلك ربما يكون مستعدا للتنسيق والتحالف لم لا.. مع بعض غرماء الأمس.. والأمس القريب جدا.
أما الموالاة فهي الأخرى منقسمة، وبحدة جدا، وتتنازعها تيارات وتوجهات، يزيد من صعوبة ما يواجهها من تحديات، أنه بحسب ما تتجه نحوه الأمور، لأول مرة ستواجه الاستحقاق الرئاسي، ورئيسها ليس مرشحا، بالمفهوم التقليدي، وشهية الترشح منفتحة إلى النهاية داخل أجنحة نظام، يواجه بالفعل امتحانا من نوع خاص، فهو يواجه بعض الارتدادات الخفيفة لضرورات الألفية الجديدة..
فاليوم لم يعد مقبولا بشكل سافر، أن تظل الأمور كما كانت، وإن لم يصل بعد مستوى نضج التجربة السياسية الديمقراطية، الحد الذي يسمح بتناوب واضح وصريح على السلطة..
قد يكون على الموريتانيين، أن يقبلو في المستقبل المنظور، نصف تناوب على السلطة..
وسيكون علينا جيمعا، أن نتوقع تغيرات قوية في المشهد السياسي..
صدقوني إن الساحة السياسية لم تبح بعد بكل أسرارها، ولم تكشف كل تحالفاتها، ولا تنسوا جميعا أن المرحلة المقبلة ستشهد اصطفافا حادا، قد يحمل مفاجآت من العيار الثقيل..
نحن فعلا أمام حدث غير مسبوق في تاريخنا السياسي.. فما بعد 2019 لن يكون كما قبلها بكل تأكيد..
ومن سيخرج منتصرا في هذه الجولة السياسية التي انطلقت من الآن، هو من يلعب أوراقه بمهارة، وحرفية وتدرج، بما يقطع مع خارطة آن لها أن تطوى بهدوء، ويسعى لملاقاة الحظ في منتصف الطريق..
المقالات تعبر عن اصحابها وليس بالضرورة عن الصباحية