الحرب وميار ملّا من الحرب السورية!
ماهر المونس*
تشبه ليالي الحرب في دمشق، ليالي العشق فيها، يكون النوم بكلا الحالتين متقطّعاً، متقلّباً، متكّئاً على نبض القلب، وضربة المدفع، وتتداخل فيها أحلام اليقظة مع كوابيس النوم..
أرشدني صديقي إلى تطبيق يُحمّل على الهواتف الذكيّة، يراقب "حركة النوم" وينظّم ساعات الاستيقاظ، أسرّ لي"التطبيق الذكي" بأنّي أتقلّب في الليلة الواحدة حوالي 36 مرّة وسطيّاً، وفي كل مرة أتحول من مكان إلى آخر، في منام ما، في زمان ما..
شرعنا في ثامن سنوات الحرب، ولا زالت شراع زوارقي الخشبية فتيّة، لم تكبر ولم تمسي سُفناً، ولم تتعلّم المشي بعد إلّا عكس الريح.. لا زالت عيني تغمض حين أسمع صوت دوي..
أضع أصابعي في أذني، أسمع صوت قلبي، نبضة وصمت.. نبضة وسكون.. نبضة تلو النبضة تلو النبضة.. هل نبض القلب دلالة حياة أم دلالة عمل جهاز من أجهزة الجسم..
أقول لنفسي "حسب النبضة".
في الحرب، تذوب الأرواح بين الأحجار، أتمهّل في المشي في ساحات المعارك، خشية عبوة ناسفة لم تنفجر، أو ذكرى ثقيلة لم تتمكن من السفر مع صاحبها..
في أحد أنفاق جوبر في الغوطة الشرقية، وجدتُ قلباً مرسوماً على الحائط، وعليه كتابات لم أفهمها، ربّما مقاتل أو مخطوف أو جندي رسم هذا القلب، ليخبرنا بأن الحب موجودُ حتى بأكثر المناطق صخباً وظلاماً.. (فكرة رومانسيّة لكن أحببتُ أن أصدقها)
أعود -غالباً- في وقت متآخر، ينام فيه كل شيء إلا طواحين المعارك المجاورة، على مدخل حارتنا حاجز لجان شعبية، لكن فتية صغار لا يعرفوني يستوقفوني أحياناً، سألني الليلة أحد الفتية
-"معك شي سلاح"
-أخبرته "لا"
-أعاد السؤال وهو جالس يتحدّث مع أحد ما على برنامج وتس اب " ع الثقة ها"..
-أتبسّم، ويتبسّم، وأتابع المسير، ويتابع محادثته على وتس اب…
– ميّار ابن اختي، 5 سنوات، كان يخرجُ نحو الفسحة الصغيرة الموجودة في منزلنا كلّما سمع صوت الطائرة، وينظر في السماء ليحاول التقاطها بعينه، ويدور حول نفسه وهو يطوف بعينيه نحو الأعلى.. اليوم كان صوت الطيران مدوّياً، لكن ليس لدرجة إغراء ميّار بالخروج إلى "المشرقة"، بقي جالساً يتابع "سبيستون"..
الحرب ملّت من الحرب.. وكذلك ميّار..