بيونغ يانغ تؤكد انها ما زالت منفتحة على اجراء محادثات مع واشنطن رغم الغاء القمة
أكدت كوريا الشمالية الجمعة انها لا تزال على استعداد لاجراء محادثات مع الولايات المتحدة بعد الغاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب قمة تاريخية كانت مقررة بينه وبين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون ما يعيد شبه الجزيرة الى حالة الغموض مجددا.
وفي إعلان مفاجئ أعلن ترامب الخميس إلغاء القمة التاريخية التي كانت مقررة بعد أقل من ثلاثة أسابيع في سنغافورة مع الزعيم الكوري الشمالي، منددا ب"الموقف العدائي" لنظام بيونغ يانغ.
وقد حذر كوريا الشمالية من اي عمل "غبي او غير مسؤول".
وفي رسالة مقتضبة من عشرين سطرا وجهها الرئيس الاميركي الى كيم، اعلن قراره الغاء القمة التي كان مقررة بينهما في سنغافورة في 12 حزيران/يونيو.
وبرر البيت الأبيض الغاء القمة بعدم وفاء بيونغ يانغ "بسلسلة من الوعود". وقال مسؤول اميركي طالبا عدم كشف اسمه ان ترامب "املى بنفسه كل كلمة" في الرسالة.
وجاء رد فعل بيونغ يانغ الفوري على الاعلان تصالحيا.
فقد صرح كيم كي غوان النائب الاول لوزير الخارجية الكوري الشمالي في بيان نشرته وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية إن "الإعلان المباغت لإلغاء الاجتماع كان غير متوقع بالنسبة الينا ولا يسعنا الا ان نجده مؤسفا للغاية".
واضاف "نعلن مجددا للولايات المتحدة رغبتنا للجلوس وجهاً لوجه في أي موعد وباي شكل لحل المشكلة".
وقبل الاعلان الاميركي عن الغاء القمة تماما، قالت كوريا الشمالية انها دمرت "بالكامل" موقعها للتجارب النووية في بونغي-ري، في خطوة اكدت انها مبادرة حسن نية تمهيدا للقمة.
لكن فرص نجاح القمة بحد ذاتها كانت موضع تشكيك مؤخرا.
واعلن ترامب الغاء القمة غداة تشدد في الخطاب بين البلدين مجددا.
فقد وصفت مسؤولة كورية شمالية تصريحات ادلى بها نائب الرئيس الاميركي مايك بنس الذي هدد من جديد بالغاء القمة، بانها "غبية وتنم عن جهل".
وكان بنس حذّر الإثنين خلال مقابلة مع قناة فوكس الزعيم الكوري الشمالي من المراوغة مع واشنطن قبل القمة، معتبرا ان ذلك سيكون "خطأ كبيرا". وقال ان كوريا الشمالية قد ينتهي بها الامر مثل ليبيا "اذا لم يبرم كيم جونغ اون صفقة" بشأن برنامجه النووي.
وقالت نائبة وزير الشؤون الخارجية فيها تشوي سون هوي "لا يمكنني ان اكتم مفاجأتي تجاه تصريحات غبية وتنم عن جهل تصدر عن نائب رئيس الولايات المتحدة". واضافت "لن نتوسل الى الولايات المتحدة من اجل الحوار او نتعب انفسنا باللجوء الى اقناعهم اذا كانوا لا يريدون الجلوس معنا".
وكتب ترامب في رسالته الى كيم "للاسف، استنادا الى الغضب الواضح والعداء المعلن في خطابكم الاخير، اشعر انه من غير المناسب حاليا عقد هذا الاجتماع المخطط له منذ فترة طويلة"، كما قال مسؤول كبير في البيت الابيض.
لكن ترامب اضاف ان المحادثات يمكن ان تجرى "في وقت لاحق".
– "صدمة" –
اثار قرار ترامب استياء كوريا الجنوبية التي بدأت مرحلة انفراج واضحة مع الشمال.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ان ان الاعلان شكل "صدمة ومؤسف جدا".
اما وزير التوحيد الكوري الجنوبي شو ميونغ غيون فقد اكد ان سيول ستواصل الحوار مع نظام كيم، موضحا انه "يبقى جديا في تنفيذ الاتفاق وبذل الجهود لاخلاء شبه الجزيرة من السلاح النووي وبناء السلام".
من جهتها، دعت الصين الجمعة كوريا الشمالية والولايات المتحدة الى البرهنة عن "حسن نية" والتحلي "بالصبر". وقال لو كانغ الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ان "الانفراج الاخير في شبه الجزيرة الكورية تم تحقيقه بعد جهود كبيرة وعملية التسوية السياسية ما زالت أمامها فرصة تاريخية".
ودعا الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الاطراف الى مواصلة الحوار، بينما عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "الاسف" لإلغاء القمة و"الأمل" فى ان تعقد لاحقا.
وتؤكد واشنطن انها تريد نزع الاسلحة النووية للشمال بشكل "كامل وقابل للتحقق ولا يمكن الرجعة عنه". لكن كوريا الشمال تؤكد انها لن تتخلى عن اسلحتها النووية بالكامل قبل التأكد من انها لن تتعرض لاي عدوان اميركي.
– "فقدان للثقة" –
تحدث المسؤول في البيت الابيض عن "فقدان عميق للثقة" وعبر خصوصا عن اسفه لان الكوريين الشماليين لم يحضروا الى الاجتماع التحضيري الاسبوع الماضي في سنغافورة.
وقال ان "البيت الابيض ارسل مساعد امينه العام وفريقا. انتظروا وانتظروا لم يصل الكوريون الشماليون. لم يقل لنا الكوريون الشماليون شيئا".
واشار المسؤول نفسه الى التصريحات الكورية الشمالية التي انتقدت بشدة "التدريب العسكري المشترك الروتيني" الذي تجريه واشنطن وسيول في شبه الجزيرة، والغاء بيونغ يانغ للقاء مع الكوريين الجنوبيين، قال ان كل ذلك هو امثلة على "وعود لم يتم الالتزام بها".
لكن كيم كي غوان قال ان بيان كوريا الشمالية "لم يكن سوى رد على تصريحات قاسية صدرت عن الجانب الاميركي الذي يدفع باتجاه نزع للاسلحة النووية من جانب واحد".
وحذر خبراء من ان الغاء الاجتماع يمكن ان يؤدي الى يقوض الجهود التي تبذل.
وقال ابراهام دنمارك مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون الفكري، في تغريدة على تويتر ان "كوريا الجنوبية ايضا يمكن ان تشعر بالغضب (…) نتوقع ان تواصل سيول التزاماتها مع بيونغ يانغ حتى إذا أدى ذلك الى تعميق خلافاتها مع واشنطن".
من جهته، رأي جو ويت مؤسس الموقع الالكتروني المخصص لكوريا الشمالية "38 نورث" انه "في السباق لمعرفة من هو الزعيم الذي يرتكب عددا اكبر من الاخطاء، يتقدم الرئيس ترامب على كيم جونغ اون". واضاف ان "تقلبه يغرق العالم بأسره في حالة ارباك بما في ذلك حلفاؤنا الكوريون الجنوبيون".
لكن آخرين يرون ان انسحاب ترامب يمكن ان يسمح له بانتزاع تنازلات جديدة من كوريا الشمالية.
وقال غو ميونغ-هيون المحلل في معهد "اسان" للدراسات السياسية انه "سيكون على كوريا الشمالية تقديم مشاريع اكثر دقة لنزع السلاح النووي اذا كانت تريد الحوار في المستقبل".