مبعوث الامم المتحدة في صنعاء لمحاولة تجنيب مدينة الحديدة الحرب
يخوض مبعوث الامم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث في صنعاء السبت مهمة حاسمة قد تكون آخر الفرص الدبلوماسية للتوصل الى اتفاق حيال ميناء الحديدة وتجنيب المدينة حربا دامية في شوارعها في وقت لا تزال المعارك تدور عند مدخلها الجنوبي.
وبينما يلتقي غريفيث المتمردين الحوثيين في صنعاء، أعلنت القوات الموالية للحكومة التي تشن منذ الاربعاء هجوما كبيرا باتجاه الحديدة، السيطرة على مطارها، في تطور لم يؤكده مراسل وكالة فرانس برس على الارض ولا التحالف العسكري الداعم لهذه القوات بقيادة السعودية.
وأفاد مصور وكالة فرانس برس في صنعاء ان المبعوث الدولي لم يدل بتصريح لدى وصوله الى صنعاء، وغادر المطار فورا متوجها الى المدينة للاجتماع بقادة المتمردين الحوثيين.
وكان غريفيث أكد لدى بداية الهجوم الذي تقوده الامارات، الشريك الرئيسي في التحالف، ان المفاوضات مستمرة لتجنب مواجهات دامية داخل مدينة الحديدة.
وأضاف في بيان "لدينا اتصالات دائمة مع كل الاطراف المشاركة للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والانسانية والامنية لكل الاطراف المعنيين".
وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسيا تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة الى ملايين السكان في البلد الذي يعاني من أزمة انسانية كبيرة ويهدد شبح المجاعة نحو 8 ملايين من سكانه.
لكن التحالف العسكري بقيادة السعودية يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية. ويدعو التحالف الى تسليم إدارة الميناء للامم المتحدة او للحكومة المعترف بها لوقف الهجوم.
ويشهد اليمن منذ سنوات نزاعا بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين. وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري الذي يضم الامارات في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014 وبعدها على الحديدة.
وستمثل السيطرة على مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص في حال تحققت أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين المتهمين بتلقي الدعم من ايران، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء.
– "كل شيء مغلق" –
وكانت القوات المدعومة من التحالف العسكري بقيادة السعودية وصلت الجمعة الى منطقة تبعد نحو كيلومترين عن البوابة الجنوبية لمطار الحديدة الواقع في جنوب المدينة، وخاضت معارك عنيفة مع المتمردين استمرت لساعات حاولت خلالها اقتحام المطار.
والسبت أعلن المركز الاعلامي للقوات المهاجمة في حسابه على تويتر ان هذه القوات تمكنت من "تحرير" مطار الحديدة "والفرق الهندسية تباشر تطهير المطار ومحيطه من الألغام والعبوات الناسفة".
لكن مصادر في القوات الموالية للحكومة قالت لفرانس برس ان "معارك متقطعة" تدور عن مدخل المطار منذ صباح السبت، وان القوات الموالية للحكومة لا تزال تحاول الدخول الى المطار وسط مقاومة شرسة من المتمردين.
كما ذكرت المصادر ان المعارك التي اندلعت الجمعة على الطريق الساحلي في منطقة التحيتا على بعد 100 كلم جنوب مدينة الحديدة لا تزال متواصلة.
ولم يجب المتحدث باسم التحالف على أسئلة فرانس برس حيال التطورات الميدانية.
ميدانيا أيضا، أعلن المتمردون عبر قناة "المسيرة" المتحدثة باسمهم عن غارات شنتها طائرات التحالف العسكري على عدة مناطق السبت، وعن اطلاق صاروخ بالستي على تجمع للقوات المولية للحكومة في الساحل الغربي الجمعة. ووجّهت فرانس برس أسئلة الى المتحدث باسم التحالف حول التطورات الميدانية من دون ان تتلق ردا عليها.
وقتل في المعارك قرب مدينة الحديدة منذ بداية الهجوم الاربعاء 139 مقاتلا على الأقل من الطرفين. وذكرت مصادر في القوات الموالية للحكومة لفرانس برس انها هذه القوات أسرت 75 من المتمردين الحوثيين أثناء محاولتهم تنفيذ هجوم جنوب الحديدة الجمعة.
وبينما تقترب المعارك من مدينة الحديدة، بدأت عائلات بالانتقال نحو مناطق اكثر أمنا في الداخل، أو بالمغادرة نحو مدن اخرى بينها صنعاء.
وقال احد السكان في اتصال هاتفي مع فرانس برس مفضّلا عدم ذكر اسمه "نحن نسكن قرب المطار، تركنا منزلنا واتجهنا لوسط المدينة. لدينا بيت قديم هناك ونقيم فيه الان".
وأضاف ان أسرته تفكر في مغادرة المدينة، التي قال انها أصبحت "ميتة لا مكان مفتوح فيها. كل شيء مغلق من الصيدليات الى متاجر المواد الغذائية".
وذكرت منظمة "المجلس النرويجي للاجئين" في تقرير تلقت فرانس برس نسخة منه السبت ان المنظمات الانسانية عاجزة عن الوصول إلى المناطق الواقعة جنوب المدينة "التي من المرجح أن يكون الناس فيها قد تأثروا أو جُرحوا أو نزحوا".
وأكدت ان المنظمات الإنسانية اضطرت "إلى وقف جميع العمليات تقريباً في مدينة الحديدة، حيث تقترب الاشتباكات على طول الحدود بين منطقتي الدريهمي والحوك من المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية".
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر توقعت الجمعة ان تشهد المدينة عملية نزوح لالاف من سكانها مع احتدام المعارك.