علوم وتكنولوجيا

التوظيف السياسي الامبريالي الشرقي والغربي لتهم (الإلحاد) و (القمع) و (الابتداع)

سعيد الصرفندي*

 

 

في سنوات الحرب الباردة، قبل سقوط منظومة الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي، كان كلا المعسكرين يستخدم أدواته الفعالة لتحقيق مصالحه، وكان مما استغلته الرأسمالية بقيادة.امريكا، هو الدين الإسلامي وبعض رموزه من العلماء والحركات الإسلامية، فكانت كل الحركات والشخصيات التي لا تنسجم مواقفها مع السياسة الأمريكية توصف بالالحاد والارتباط بالشيوعية لتسهيل قمعها ، وعزلها عن الجماهير ، مع ان كثيرا ممن اتهم بالالحاد، أشخاصا وحركات، لم يكونوا ملحدين، ولم يسمعوا ولو لمرة واحدة عن المادية التاريخية أو الديالكتيكية، وهم معارضون سياسيون لأنظمة قمعية تسير في فلك امريكا، ولو تم قمعهم بسبب مطالبتهم بالعدالة الاجتماعية فقط لالتفت حولهم الجماهير، ولكن اتهامهم في مجتمعات متدينة ولو تدينا مغشوشا، بالالحاد والشيوعية، كان كفيلا بانفضاض الناس من حولهم وعدم التعاطف معهم برغم القمع والتعذيب الذي اصابهم. وفي المقابل استغل الاتحاد السوفياتي في مناطق نفوذه، احزابا وكتابا، يصورون كل دعوة للحرية والانتفاع الجمعي بمقدرات البلد ووقف قمع وسيطرة الدولة التي تدين بالولاء للاتحاد السوفياتي، بأنها مرتبطة بالرأسمالية البغيضة، وأنها ترتبط بالعمالة لامريكا، مع ان منها حركات وشخصيات وطنية، لا علاقة لها بأمريكا.
وعندما انتهت الحرب الباردة لم يعد من المناسب والمفيد اتهام احد، لا بالالحاد والشيوعية ولا بالتوجهات البرجوازية والرأسمالية، مما يؤكد أن الأمر كله كان في جوهره سياسي محض. 
الأن اختلفت الصورة كثيرا، واصبح الصراع فكري، فالاسلام، كما فهمه صامويل هانتنغتون في كتابه الشهير Clash Of Civilizations ، هو الحضارة الوحيدة التي لن تذوب في الحضارة الغربية، فأصبحت الحاجة ملحة لتشويه الإسلام من داخله، مستغلين الفقه الدموي في تراثنا، فتم الدفع باتجاه الفكر السلفي الجهادي، يعيث في الأرض فسادا، ويسفك دماء المخالفين، حتى أصبحوا يشكلون الصورة النمطية للمسلم التي يصعب انتزاعها من المخيلة الغربية، ولا نشك للحظة أن ذلك كان خدمة للغرب عموما ولامريكا على وجه الخصوص، فقد تم استغلال أحداث ١١ سبتمبر، لاحتلال أفغانستان والعراق ، وتغول امريكا في العالم الاسلامي، وكل من يعارض مصالحها يوصف بالإرهاب.
وفي المقابل بدأ هناك تيار عقلاني تنويري، يطرح الإسلام الحقيقي القريب من القران، يدعو إلى التسامح مع المخالف وإلى حرية الاعتقاد التي كفلها القرآن والدعوة إلى القيم الإنسانية التي تعج بها آيات القران، وهذا التيار بدأ تشويهه ولكن بطريقة جديدة، فهو بحسب هؤلاء، تيار مبتدع ضال يسعى لهدم الاسلام من داخله؛ ويخالف ما عليه السلف، مما يؤدي إلى انفضاض الناس من حولهم وعدم قبولهم بدعوى الحرص على الإسلام.
بضاعتنا هي القرآن يفهم زماننا ولن يؤثر فينا التشويه؛ لأننا اختبرنا من خلال التجربة، الأهداف الحقيقية لهذه الأساليب.
#أشعل_مصباح_عقلك_واتبع_نوره 
مساء الخير 
#الصرفندي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى