نشر جهاز المخابرات الروسي تصريحات نسبت إلى ثلاثة من البحارة الأوكرانيين الذين أسرتهم البحرية الروسية عقب اطلاقها النار على ثلاث سفن أوكرانية واحتجازها قبالة ساحل شبه جزيرة القرم التي كانت روسيا ضمتها إليها.
وقال أحد الرجال الثلاثة، واسمه فولوديمير ليسوفي، إنه كان على علم بـ "الطبيعة الاستفزازية" للتصرف الأوكراني.
ولكن قائد سلاح البحرية الأوكراني قال إن الرجال الثلاثة أجبروا على الكذب تحت التهديد.
في غضون ذلك، أصدرت محكمة في شبه جزيرة القرم قرارا أمرت بتمديد فترة احتجاز واحد من البحارة الأسرى الـ 24 لمدة 60 يوما.
وكانت دول غربية قد أدانت استخدام روسيا للقوة ضد السفن الأوكرانية، وذلك بعد أربع سنوات من استيلائها على شبه جزيرة القرم التي كانت تعود لأوكرانيا.
أسباب مخاطر هذه الأزمة
الصدام الأخير هو أول اشتباك صريح بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية منذ عدة سنوات، رغم أن انفصاليين موالين لروسيا و"متطوعين" روس ما زالوا يقاتلون الجيش الأوكراني في منطقتين أوكرانيتين تقعان شرقي البلاد.
وكانت حدة التوتر بين البلدين قد تصاعدت عندما افتتحت روسيا في وقت سابق من العام الحالي جسرا يربط البر الروسي بشبه جزيرة القرم عبر مضيق كيرش الذي يؤدي إلى بحر آزوف. فلأوكرانيا ميناءان رئيسيان يقعان على الساحل الشمالي لبحر آزوف، الذي تنص معاهدة وقعت عام 2003 بأن للبلدين حق الملاحة الحرة فيه.
واتهمت روسيا الزورقين الحربيين وسفينة القطر الأوكرانية بانتهاك حرمة مياهها الإقليمية عند مرورها في مضيق كيرش. ولكن أوكرانيا تقول إن الحادثة وقعت في مناطق تضمن فيها حرية الملاحة.
سبب فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا
صدّق البرلمان الأوكراني مساء الإثنين على قرار أصدره الرئيس بيترو بوروشينكو بفرض الأحكام العرفية في 10 مناطق حدودية لمدة 30 يوما اعتبارا من 26 تشرين الثاني / نوفمبر.
وحذر بوروشينكو من أن امكانية شن روسيا غزوا بريا للأراضي الأوكرانية امكانية "جدية جدا."
يذكر أن خمسا من المناطق العشر المشمولة بالأحكام العرفية تحاذي روسيا بينما تحاذي اثنتان منطقة ترانس دنيستر المنشقة عن مولدوفا والتي تستضيف قوات روسية على أراضيها. أما المناطق الثلاث الأخرى فتحاذي البحر الأسود أو بحر آزوف على مقربة من شبه جزيرة القرم.
ومما يذكر أيضا أن الجيش الأوكراني يحارب منذ نيسان / أبريل 2014 انفصاليين موالين لروسيا في منطقتي لوهانسك ودونيتسك الأوكرانيتين الشرقيتين المحاذيتين لروسيا.
ويعد اعلان الأحكام العرفية خطوة غير مسبوقة في أوكرانيا، وهي تخول الجيش حظر الاحتجاجات وفض الاضرابات. وتشمل هذه الأحكام أيضا امكانية سوق المدنيين للخدمة العسكرية، ولكن هذا أمر ليس حتميا بأي حال.
ما قاله البحارة الأوكرانيون
كان البحارة الأوكرانيون قد احتجزوا من جانب القوات الروسية يوم الأحد الماضي في حادثة أصيب فيها ثلاثة أوكرانيين على الأقل بجروح.
وفي مساء الإثنين، نشرت المخابرات الروسية ( FSB) أشرطة تتضمن "اعترافات" ثلاثة من المحتجزين، وهم:
- أندريه دراش – قال بأنه كان بحارا في الزورق الحربي (نيكوبول)، وان طاقم الزورق أمر بالتوجه من أوديسا إلى ماريوبول. وقال "حذرنا حرس الحدود الروس بأننا ننتهك القانون الروسي، وطلبوا منا تكرارا مغادرة المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية."
- سيرحي تسيبيزوف – قال إنه أيضا من بحارة نيكوبول.
- فولوديمير ليسوفي – قال إنه آمر وحدة عسكرية وكان جزءا من قوة مهمات بحرية. وقال "تجاهلت متعمدا دعوات (بالمغادرة) التقطناها عبر الموجة القصيرة جدا،" مصيفا أن الزورق الذي كان يستقله كان يحمل اسلحة خفيفة ومدافع رشاشة.
من جانبه، قال قائد البحرية الأوكرانية إيهور فورونتشينكو للتلفزيون الأوكراني إن الرجال الثلاثة قد أدلوا بمعلومات كاذبة تحت الضغط والتهديد.
وقال قائد البحرية "أعرف بحارة نيكوبول هؤلاء. كانوا دائما محترفين أمناء في أداء واجبهم، والذي يقولونه الآن ليس من الصدق بشيء."
أما مدير جهاز المخابرات الأوكراني ( SBU)، فاسيل هريتساك، فقد أكد ما جاء في تقارير روسية من أن أفراد من جهازه كانوا على ظهر السفن الثلاث، ولكنه أضاف بأنهم كانوا يضطلعون "بمهمة استخبارية عادية" تماما كما تفعل البحرية الروسية بشكل دوري.
رد الفعل الغربي
دانت عدة دول غربية يوم الإثنين ما قامت به روسيا، لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم ينجح في الاتفاق على جدول زمني طرحته روسيا مفضلا أن يبحث مقترحا أوكرانيا حول الموضوع.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن احتجاز السفن الأوكرانية يعد "تصعيدا خطرا وانتهاكا للقانون الدولي."
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقال "لا يروق لنا ما يحدث، في أي حال لا يعجبنا ما يجري وآمل أن تسوى الأمور."
كما دانت بريطانيا ما وصفته "بالسلوك الروسي المزعزع للاستقرار في المنطقة وانتهاكها المتواصل لسيادة الأراضي الأوكرانية."
ولكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مكالمة هاتفية أجراها مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حاجج بأن الأوكرانيين "تعمدوا تجاهل قواعد الملاحة السلمية في المياه الإقليمية العائدة لروسيا الاتحادية."
أما ميركل، فأكدت على "ضرورة خفض التوتر والشروع في حوار،" حسبما قال الناطق الرسمي باسمها.