زيارة للبابا فرنسيس إلى الامارات
يقوم البابا فرنسيس بزيارة تاريخية الى دولة الإمارات العربية المتحدة، هي الأولى لحبر أعظم إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الاسلام، في مسعى جديد لتعزيز الروابط بين الديانتين في منطقة شهدت صراعات دينية وتطرفا متصاعدا في السنوات الاخيرة.
وبحسب النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية المطران بول هيندر، فإن زيارة البابا التي تمتد من الأحد إلى الاثنين، تأتي في وقت مناسب من أجل دفع “الحوار” قدما.
ويشارك البابا في أبوظبي الاثنين في لقاء ديني مع شيخ الأزهر أحمد الطيب وممثلين عن ديانات أخرى، قبل أن يترأس قدّاسا في ملعب لكرة القدم في العاصمة الإماراتية أمام تجمع توقّعت صحف محلية أن يكون الأكبر في تاريخ الدولة الخليجية.
وشدّد هيندر في حديث لوكالة فرانس برس على العلاقات الجيدة التي يقيمها الفاتيكان مع قادة الدول الأخرى في المنطقة، وإن كانت زيارة البابا ستقتصر على الإمارات.
ويرتبط الفاتيكان بعلاقات دبلوماسية مع الكويت والإمارات وقطر والبحرين واليمن، لكنّه لا يقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع السعودية وسلطنة عمان.
– قدّاس في ملعب –
وتقدّم الإمارات نفسها على أنّها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة، وتسمح بممارسة الشعائر الدينية المسيحية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في الدول الخليجية الأخرى، باستثناء السعودية التي تمنع ممارسة أي ديانة غير الإسلام.
وتواجه الإمارات انتقادات من منظمات حقوقية لدورها في الحرب الدائرة في اليمن المجاور حيث قتل آلاف المدنيين، وتتعرض لاتهامات بملاحقة ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي 31 كانون الأول/ديسمبر، أيّدت محكمة إماراتية حبس الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور لمدة عشر سنوات على خلفية انتقاده السلطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وصدر الحكم قبل يوم من بداية سنة جديدة أطلقت عليها الإمارات اسم “عام التسامح”، في دولة تضم حكومتها وزيرا للتسامح.
ورحّب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد الخميس مجدّدا بزيارة البابا إلى الامارات التي تحرص على الاهتمام بصورتها في الخارج ولا تخفي اعتمادها على مبدأ “القوة الناعمة”.
وكتب في حسابه على “تويتر”، “نجدّد ترحيبنا برجل السلام والمحبة، البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية في دار زايد”.
وتابع “نتطلع للقاء الأخوة الإنسانية التاريخي الذي سيجمعه في أبوظبي مع فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.. يحدونا الأمل ويملؤنا التفاؤل بأن تنعم الشعوب والأجيال بالأمن والسلام”.
وأعرب البابا فرنسيس من جهته في شريط فيديو تمّ بثّه الخميس، عن سروره لكتابة “صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان” بزيارته المرتقبة لدولة الإمارات.
وأثنى على الإمارات، “الأرض التي تسعى لأن تكون نموذجا للتعايش والأخوّة الإنسانية وللقاء بين مختلف الحضارات والثقافات، وحيث يجد فيها الكثيرون مكانا آمنا للعمل وللعيش بحريّة، والتي تحترم الاختلاف”.
وتتوقّع السلطات الإماراتية مشاركة أكثر من 130 ألف شخص في قداس الثلاثاء، الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، والذي سيكون بحسب وسائل الإعلام المحلية الأكبر في تاريخ الإمارات.
ووزعت التذاكر الخاصة بحضور القداس على الكنائس الكاثوليكية في الإمارات.
– “فرصة أخرى” –
يوجد أكثر من 3,5 مليون مسيحي في الخليج، بينهم 75% من المذهب الكاثوليكي، وغالبيتهم عمال من الفيليبين والهند.
وتقول النيابتان الرسوليتان في المنطقة أن هناك أكثر من مليون كاثوليكي في السعودية وحدها، ونحو 350 ألفا في الكويت و80 ألفا في البحرين، ونحو 200 إلى 300 ألف كاثوليكي في قطر.
ويشير هيندر إلى أنه يوجد قرابة مليون كاثوليكي في الإمارات التي تضم ثماني كنائس كاثوليكية، العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).
وتتّبع الامارات إسلاما محافظا إنما معتدلا، وتمنع السلطات الخطابات المتعصبة في المساجد وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تقيّد المقيمين بلباس معين، كما أنها تسمح بشرب وبيع الكحول في الفنادق وأماكن مخصّصة لذلك.
وقال الأب ليني كونالي من كنيسة سانت ماري، إن كنيسته حصلت على 41 ألف تذكرة لحضور القداس المرتقب، لكن 50 ألف شخص تقدموا بطلبات للحصول على تذاكر، موضحا “لا نزال نسعى لأن نعطي الجميع” تذاكر.
وأشار إلى ان 1200 شخص سيساعدون في الترتيبات الخاصة بالقداس، بينما ذكرت صحف محلية ان أكثر من ألفي حافلة ستقوم بنقل المصلين إلى مكان القداس عشية الموعد المحدد (06,30 ت غ).
بالنسبة إلى الفيليبينية ميلين لاو استوبينا (43 عاما) التي تعافت أخيرا من مرض السرطان، فإن الرحلة الطويلة من دبي الى مكان القداس لرؤية البابا فرنسيس ثمن بسيط لحلم قديم.
واعتبرت أن ايمانها منحها “فرصة ثانية” والقوة الكافية للتغلب على المرض، مضيفة “أشكر الله أنني حصلت على تذكرة. صلّيت كثيرا، وتمّت الاستجابة لصلواتي”.
وتابعت “ذهب البابا إلى الفيليبين، لكننا هنا نعمل على مدار الساعة.. ولدينا فرصة الآن لرؤيته”.