اسباب استقالة “ظريف الأميركي” بين زيارة الاسد وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي
استقالة “ظريف الأميركي”
محمد صالح الفتيح*
اختار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وسيلةً غريبةً لإعلان استقالته – نشرها على موقع إنستغرام – واختار توقيتاً يستحق التوقف عنده، زيارة الرئيس السوري الأولى لطهران منذ العام 2010. ظريف، الدبلوماسي المخضرم، لم يكن ليفته أن التوقيت سيلفت النظر، وقد يكون هذا هو الهدف، أساساً. الروايات التي تقول أن سبب استقالته هو أنه لم يتم التنسيق معه فيما يخص الزيارة، هي روايات سطحية وتحاول لفت النظر بعيداً عن الأسباب العميقة وهي أولاً، ضعف موقف ظريف بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعودة فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية وإصرار واشنطن على إعادة التفاوض من جديد حول الاتفاق النووي وظهور عجز الدول الأوروبية عن إلزام الولايات المتحدة بالاتفاق أو إنشاء القناة المالية الموعودة لاستمرار التجارة مع إيران (القناة المالية الأوروبية، في نهاية المطاف، لم تكن سوى قناة مقايضة للبضائع الأوروبية مع إيران). وثانياً، طغيان نفوذ الحرس الثوري الإيراني في القضايا الداخلية (المظاهرات التي قامت في إيران أواخر 2017 وأوائل 2018 حظيت بدعم الحرس باعتبارها كانت موجهة ضد الرئيس روحاني، قبل أن تخرج عن السيطرة). أبرز لحظات الصدام بين ظريف ومناهضيه كانت في تشرين الثاني الماضي عندما ساند ظريف تبني إيران لاتفاقية مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (التي وقعت لاحقاً، مطلع هذا العام)، وتحدث عن أن ممارسات تبييض الأموال تحصل بالفعل في طهران مما دفع مناوئيه لمطالبته بالاستقالة أو تقديم ما يثبت صحة أقواله.
“ظريف الأميركي” هو الاسم الذي يطلق على جواد ظريف في طهران من قبل خصومه الرافضين لاستراتيجية الحوار مع الولايات المتحدة. لنعرف إلى أين تتجه الأمور في طهران يجب أن ننتظر لنعرف خليفة جواد ظريف. هل سيكون من كادر وزارة الخارجية (مثل نائبه مرتضى سرمدي، أوعباس عراقجي – مساعد وزير الخارجية وكبير المفاوضين النوويين سابقاً – أو حسين جابري أنصاري – مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية – أو مجيد تخت روانجي – مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية) أو هل سيكون من خارج كوادر الوزارة ومن المقربين من القطب الآخر (مثل علي أكبر ولايتي – مستشار المرشد للشؤون الدولية – أو علاء الدين بروجردي – رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى – أو حسين أمير عبد اللهيان – مساعد رئيس مجلس الشورى للشؤون الدولية)، أم هل سيتم الضغط على جواد ظريف لكي يعود عن استقالته ويستمر التعايش الهش؟