الجزائر

بوتفليقة يتخلى عن السلطة تحت ضغط الشارع وإثر تخلي الجيش عنه

بعد أن أمضى نحو عشرين عاما في الحكم، قدّم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقالته الثلاثاء، تحت ضغط الشارع وإثر تخلي الجيش عنه.

ونقلت وسائل الإعلام الجزائرية مساء الثلاثاء أن بوتفليقة أبلغ المجلس الدستوري استقالته “ابتداء من تاريخ اليوم”.

وجاء في الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام وبينها التلفزيون الوطني ووكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن بوتفليقة “أخطر رسميا رئيس المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية” وذلك “ابتداء من تاريخ اليوم”.

وجاء في نص الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية “إنّ قصدي من اتّخاذي هذا القرار إيمانًا واحتسابًا، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطنيّ وعقولهم لكي يتأتّى لهم الانتقال جماعيًا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحًا مشروعًا”.

وبموجب الدستور الجزائري، يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (77 عاما) رئاسة البلاد بالوكالة لمدة أقصاها 90 يوما تجري خلالها انتخابات رئاسية.

وسمعت على الفور أصوات أبواق السيارات في شوارع العاصمة ترحيبا بالاستقالة، وسجل ظهور بعض التجمعات خصوصا في ساحة البريد في العاصمة التي تتركز فيها التظاهرات الاحتجاجية منذ 22 شباط/فبراير. وأطلقت ألعاب نارية، بينما حمل المتظاهرون أعلاما جزائرية.

ويطالب المتظاهرون الذين يسيرون في شوارع العاصمة ومختلف المدن الجزائرية منذ أكثر من شهر بمئات الآلاف أسبوعيا، برحيل النظام بأكمله.

– مشككون –

وردّد عدد من المتظاهرين ليل الثلاثاء، ردا على أسئلة وكالة فرانس برس، تصميمهم على المضي في التظاهر رغم الاستقالة التي تترك في رأيهم القرار في أيدي أطراف النظام إياه.

وقال ياسين صيداني، كما كثيرون غيره، إنه “سعيد، لكنني لسنا سذج”، مضيفا “سنواصل التظاهر حتى رحيل النظام”.

وقال آخرون “إنها البداية، كل يوم، ستكون هناك تظاهرة. لن نتوقف”.

في المقابل، أعطى غيره بوتفليقة حقه، معبرين عن أسفهم لتشبثه بالحكم.

وقال بيلان ابراهيم (40 عاما) “بوتفليقة اشتغل. لقد صوتت له في البداية، لكنه لم يعرف كيف يخرج مرفوع الرأس”.

وقالت فاطمة زهرة (65 عاما)، وهي ممرضة متقاعدة، “سأتظاهر حتى رحيل كل المجموعة”، معتبرة أن بوتفليقة كان في إمكانه “الخروج مع كل التشريفات، لكن أخاه جعله يخرج من الباب الضيق للتاريخ”.

وكانت الرئاسة الجزائرية أصدرت بيانا الإثنين جاء فيه أن بوتفليقة سيتنحى قبل انتهاء مدة ولايته الحالية في الثامن والعشرين من نيسان/أبريل، وأنه سيقوم بـ”إصدار قرارات هامة طبقا للأحكام الدستورية قصد ضمان استمراريّة سير الدولة أثناء الفترة الانتقالية التي ستنطلق اعتبارا من التاريخ الذي سيعلن فيه استقالته”.

وقبل ساعات قليلة من إعلان الاستقالة، دعا رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح في بيان الى “التطبيق الفوري للحل الدستوري” الذي يتيح عزل بوتفليقة.

وكان يشير الى المخرج الدستوري الذي اقترحه الأسبوع الماضي ويتمثل في تطبيق المادة 102 من الدستور التي تؤدي الى إعلان عجز رئيس الجمهورية عن ممارسة مهامه بسبب المرض.

وتابع البيان “نؤكد أن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلا”، في تلميح الى أن الجيش قد يتوقف عن التقيد بقرارات صادرة عن الرئاسة.

وبعد أن عدد الفريق قايد صالح المساعي التي قام بها الجيش للخروج من الأزمة الحالية، أضاف “مع الأسف الشديد قوبل هذا المسعى بالمماطلة والتعنت وحتى بالتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها ولا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد”.

وأضاف أن المساعي التي يبذلها الجيش “تؤكد أن طموحه الوحيد هو ضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير حق على مقدرات الشعب الجزائري”.

وكان قايد صالح يُعتبر من المخلصين لبوتفليقة.

وحاول الرئيس الجزائري الذي اختفى تقريبا عن الإعلام منذ عام 2013 إثر اصابته بجلطة دماغية، التشبث بالسلطة مقدّماً الاقتراح تلو الاقتراح لتهدئة الشارع من دون جدوى.

وبعد أن أعلن تخليه عن الترشح لولاية خامسة، أعلن إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الثامن عشر من نيسان/أبريل ووعد بإقرار إصلاحات تمهد لإجراء انتخابات رئاسية لم يحدد تاريخا لها.

ا ف ب/ا ف ب/ارشيف / –صورة للرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة التقطت في العام 1999

لكن الشارع رفض تماما هذه الاقتراحات واعتبرهت تمديدا لحكمه بحكم الأمر الواقع. وتكثفت التظاهرات، ما دفعه أخيرا الثلاثاء الى تقديم استقالته الى المجلس الدستوري.

في ردود الفعل الخارجية، اعتبرت الولايات المتحدة أن مستقبل الجزائر يقرّره شعبها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إن “الشعب الجزائري هو من يقرر كيفية إدارة هذه الفترة الانتقالية”.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أنّ فرنسا واثقة من أنّ الجزائريين سيُواصلون السعي إلى “انتقال ديموقراطي”. وقال في بيان “نحن واثقون من قدرة الجزائريين على مواصلة هذا التحوّل الديموقراطي بنفس روح الهدوء والمسؤولية” التي سادت خلال الأسابيع الفائتة.

واعتبر لودريان أنّ “صفحة مهمّة من تاريخ الجزائر تُطوى” مع استقالة بوتفليقة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى