المنطقة إلى أين: الحسم لا يزال بعيدا، والحرب العسكرية الواسعة ليست ضمن الخيارات المرجحة حاليا
وفيق السامرائي*
28/4/2019
المنطقة من الجزائر إلى إدلب و(أفغانستان التي يزيد الدواعش والقاعدة نفوذهما فيها) تقع ضمن نطاق الشد، ومع أن الوقت لا يزال مبكرا للبحث في تفصيلات حساسة، فإن الملاحظات التالية تعطي مؤشرات للتطورات:
1. الليرة التركية تواصل الهبوط على الرغم من أن الفائدة 24% وهو رقم يدل على محاولات مضنية لمحاولة وقف تدهور قيمة الليرة التي هبطت خلال الشهور الثلاثة الأخيرة نحو 15%، ولم يترك الرئيس التركي اردوغان الحديث عن تعرض بلاده لحرب اقتصادية محاولا تحديها إعلاميا، ومتهما أميركا تنويها أو بوضوح بذلك، لكن معاناة الأتراك تتفاقم بشكل كبير. ورغم الصدى الذي أحدثته رسالة أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق والقيادي البارز في الحزب الحاكم لِما حملت من نقد شديد وصريح لسياسة قيادة الحزب والصعوبات الاقتصادية وضيق أفق الحروب الواسعة المباشرة تواصل تركيا تقوية ترسانتها العسكرية في مجالي الطائرات والصواريخ بكلف مرتفعة، ما يدل على تقدير لاحتمالات الخطر و/أو نية في ممارسة دور أكبر يتطلب الاستعداد عسكريا. ومع ذلك، من الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا أن تحافظ تركيا على وجود طويل الأمد في شمال سوريا أو أن تقضم أو تضم منطقة إدلب السورية رغم تعقيدات الوضع المستجدة، وبقاء مناطق النفط تحت سيطرة الفصائل الكردية.
2. العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران لا شك تترك أثرا صعبا (وستزيد من حالة العداء بين إيران من جهة وخصومها الإقليميين وأميركا من جهة أخرى).
3. الفلسفة الأميركية في إدارة الصراع واضحة، إلا أن الاستراتيجية الإيرانية تتسم نقاط عديدة منها بالكتمان وفق مناهج مركزية مسيطر عليها، ومعظمها يصعب قراءته من الطرف المقابل (سريعا).
4. غلق الممرات المائية عملية معقدة جدا دوليا إلا أن هناك فَرقَاً بين ممر وآخر وبين الغلق وعرقلة الملاحة، والنهج الإيراني لا يدل على نيةٍ لغلق مضيق هرمز، وكل الدلائل تستبعد رغبة ترامب في شن حرب واسعة.
5. مستوى تأثير العقوبات النفطية على إيران يتوقف على موقف ومدى التزام الصين والهند والبدائل المتاحة، وخارج نطاق الطاقة، يبقى نطاق العقوبات صعب التطبيق مع جوار إيران، وتحقيق هدف (تصفير) تصدير النفط الإيراني كليا مستبعد.
6. كل التهديدات والتلويحات العسكرية الإسرائيلية بحرب أو ضربات خاصة على غرار ضربة مفاعل تموز العراقي 1981 أصبحت مكررة ومستبعدة (وفق المعطيات الراهنة) عدا الضربات المعتادة المحدودة في سوريا.
7. في شمال أفريقيا، لا يزال أمام حملة المشير حفتر المباغِتة مشوار طويل حتى لو تمكن من السيطرة على طرابلس (افتراضا)، ومن الصعب تصور أن يفقد الشعب السوداني المبادرة واتباعه الخيار السلمي التام يجنب السودان انزلاقات خطيرة.
8. وفي الجزائر بات التحرك الشعبي فعالا وسيدفع الجيش الى مزيد من تفهم وتلبية مطالب الشعب، وقد يستلهم دور الجيش المصري أواخر حكم الرئيس مبارك.
إعادة رسم خرائط المنطقة صعبة جدا ولن ينحدر الوضع إلى مستوى التفتيت والتقسيم، ولن يُغَيّر ترامب سياسته قبل انتخابات 2020 وستكون السنتان القادمتان حاسمتين (نسبيا) وليس كليا.
العديد من مواقع الفضائيات العربية تقدم سيلا تحليليا يوحى به أن الحسم بات وشيكا! وكلمة الوشيك يفترض أن تطلق على فاصلة زمنية من ساعات إلى بضعة أيام لا أكثر. والحقيقة هي أن الحسم لا يزال بعيدا ولم تعد الحرب العسكرية الواسعة ضمن الخيارات المرجحة حاليا؛ لأن تداعياتها معقدة جدا، ومفهوم الحرب الخاطفة لم يعد قائما في منطقة الشد.