هل تعيد المصالح رسم خارطة التحالفات الإقليمية؟ وماذا عن العراق وأمنه الاستراتيجي ومصالحه العليا؟
وفيق السامرائي*
3/5/2019
مرت المدة المقررة لانتهاء الاعفاءات الأميركية لمستوردي النفط الإيراني بهدوء، وكما قلنا، من المستبعد تحقيق هدف التصفير أو وقوع حرب عسكرية واسعة.
غالبا ما تتغلب المصالح على المبادئ ووصف الانتهازية في أفقه الفردي الضيق لا ينطبق على المصالح الكبرى.
في بدايات حرب داعش تعرض العراق وسوريا لموجات من الإرهابيين وكان واضحا أن ما حدث ما كان ليحدث لولا تواطئ أو تسهيلات أو غض نظر أو إهمال إقليمي، وليس بعيدا عن المنطق الأخذ بأسوأ الاحتمالات.
العلاقات والنشاطات التي كانت تظهر ودية مبنية على تنسيق وزيارات متبادلة لأعلى المستويات التركية والسعودية كانت تثير ريبة الذين يحرصون على العراق ويرتدون نظارات استخبارات وجبلوا على الشك، ولا يمكن لأحد انكار حق هؤلاء في الحرص على الشك.
لذلك، كان موقف تركيا آنذاك محط نقد شديد، ولم تكن السعودية بعيدا عن النقد مع قلة الأدلة المادية في نظر عموم الناس من البسطاء عن سلبية الموقف آنذاك.
ولأسباب عدة وأهمها قصة ما يسمى الزعامة الإسلامية وزعامة المنطقة، وكلاهما وهم، والموقف من جماعة الإخوان المسلمين، تدحرجت العلاقة السعودية التركية الودية بسرعة ووصلت إلى القعر بعد التصادم القطري مع التحالف الثلاثي الخليجي وإرسال تركيا آلافا من قواتها إلى قطر.
تضارب المصالح التركية والأميركية، خصوصا ما يتعلق منها بالتعامل والاسناد الأميركي للفصائل الكردية السورية المسلحة دفع اردوغان الى الاقتراب من الروس وبدا الخلاف كأنه يزداد تعقيدا بالتوجه التركي لشراء صواريخ S400 الروسية ما أعتبر أميركيا خرقا لضوابط حلف الناتو الذي تنتمي إليه تركيا، ورغم الاصرار العلني التركي لا تزال المفاوضات والمساومات بين الطرفين مستمرة، وما صرح به مسؤولون أتراك عن تقدم التفاهمات حول ما يسمى المنطقة الآمنة شمال سوريا وإعادة التذاكر حول الصواريخ ليس بعيدا عن احتمالات الاستدارة.
العقوبات على إيران ربما هي التي قادت إلى حضور ممثلين سعوديين واماراتيين اجتماعا موسعا في الدوحة بعد قطيعة وتصعيد.
تصادم المصالح بين تركيا وقطر من جهة والتحالف الثلاثي الخليجي في ليبيا وتونس والجزائر (قد) لا يستمر طويلا بذات الحدة.
الأميركيون يحققون نجاحات مستمرة في سياستهم المالية خليجيا، أما قصص التصعيد إلى حرب عسكرية واسعة فلا يتعدى الوهم.
صفقة القرن ليست موضع اهتمام عربي خارج نطاق المحيط المباشر، فمعظم العرب لهم همومهم واهتماماتهم ومنهم من يرى اسرائيل أقرب مصلحيا اليهم.
إذن ماذا؟
التحالفات والتكتلات الإقليمية أقرب وصفاً بالكثبان الرملية، لكن الترابط بين التحالف الثلاثي الخليجي (إلى أجل غير منظور) يبقى مستمرا، وفك الترابط السوري الإيراني الروسي مستحيل، أما تركيا وقطر فخياراتهما مفتوحة.
ومجلس الأمن الدولي باتت خيارات قراراته مقيدة بمعطيات حقبة مختلفة.
وأما العراق، فخطط الأمن الاستراتيجي تتعزز يوميا بثبات وتزداد قدراته، ومن مصلحته التحرك كمركز ثقل بهدوء، ومن مصلحة العراق تعزيز علاقاته مع الأردن والكويت وبريطانيا القوة الدولية الفاعلة.
الحرب النفسية والدعايات لن تهز عراقيا واحدا لما يتمتع به شعبه من وعي عظيم.