بعد الحرب الكلامية بين نجم هوليوود ريتشارد غير ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني حول اللاجئين العالقين في البحر المتوسط، بسبب منع إيطاليا من دخولهم مياهها الإقليمية، اندلعت أزمة جديدة حول نفس الموضوع بين ألمانيا وإيطاليا.
فهل هناك قوانين بحرية دولية تنظم التعامل مع مسألة هؤلاء اللاجئين؟
منعت محكمة في مدينة فرانكفورت في ألمانيا سالفيني، من نشر صورة قارب لاجئين (التقطتها منظمة “ميشن لايفلاين” الألمانية الإغاثية) على حسابه الرسمي على موقع تويتر.
وهددت المحكمة سالفيني بتغريمه بمبلغ 25 ألف يورو أو سجنه في ألمانيا إن لم يمتثل لقرارها بحسب وسائل الإعلام الألمانية المحلية.
والصورة موضوع الخلاف التقطها فريدهولد أولونسكا، كابتن سفينة منظمة “ميشن لايفلاين” للإغاثة. وقال أولونسكا في بيان له: “سالفيني يستخدم الصورة التي التقطتها بنفسي ضد الناجين من الغرق، وهو لم يطلب الإذن باستخدامها”.
وقال أكسل شتاير، رئيس منظمة “ميشن لايفلاين” بأن “المنظمة ستتخذ إجراءات مماثلة في المستقبل في حال انتهاك حقوق النشر”.
هل من قانون دولي يحمي المعرضين للغرق؟
تلزم الأمم المتحدة الدول الموقعة على القوانين المتعلقة بالبحار والعالقين فيها، على “إنقاذ حياة البشر المهددين بالغرق”.
وبحسب “الاتفاقيات الدولية للبحث والإنقاذ ” البحري التي أصدرتها الأمم المتحدة في عامي 1979 و1982، فإن جميع الدول الموقعة عليها مسؤولة عن إنقاذ العالقين القريبين من موانئها بما في ذلك السفن التي تحمل أعلام الدول الموقعة على تلك الاتفاقات.
كما نصت الإتفاقية على نقل الناجين إلى مكان آمن دون توضيح أو شرح المقصود بذلك.
إلا أن منظمة الملاحة البحرية الدولية (IMO) نوهت بأن الدول التي تقوم بعملية الإنقاذ هي التي تحدد ما هو “المكان الآمن”.
ولا تنص القوانين بشكل واضح على وجوب فتح الدول موانئها للناجين والسماح للسفن بالرسو فيها. وبهذا تركت للدول الحرية في تقدير الأمر.
ويلزم القانون الدول الساحلية بالسماح للسفن بالرسو في موانئها في حال تعرض ركابها لخطر حقيقي مثل المرض الذي يهدد الحياة أو نقص الماء أو مشاكل تقنية تهدد السفينة بالغرق.
وتستثنى من هذه القاعدة سفن الإنقاذ التابعة لـ”الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية”، والتي لها كامل الحرية في دخول الموانئ والرسو فيها حتى إن لم تكن هناك أي حالة طوارئ.
وفي حال تضارب القوانين المحلية لدولة ما مع القوانين الأوروبية والدولية، فإن قوانين الاتحاد الأوروبي هي التي يجب أن تُطبق.
“قرصان البحر”
واتهم سالفيني “منقذة اللاجئين”، الألمانية كارولا راكيتي، بالمساعدة على الهجرة غير الشرعية في أواخر يونيو/ حزيران الماضي.
وبحسب صحيفة “إندبندنت” البريطانية، كانت راكيتي تواجه غرامة مالية قدرها مليون يورو بحسب قانون مثير للجدل أقره مجلس الشيوخ الايطالي مؤخراً، بعد أن اعتقلت لعدة أيام. إلا أن قاضياً إيطالياً أطلق سراحها قائلاً بأنها “كانت تقوم بواجبها في إنقاذ أرواح البشر”.
ولا تزال راكيتي تخضع للتحقيق من قبل السلطات الإيطالية بتهمة تشجيع الهجرة غير الشرعية.
ورفعت راكيتي دعوى على سالفيني بتهمة التشهير بها بعد أن وصفها بأنها “قرصان البحر”.
وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء القانون الجديد الذي قالت إنه “يمكن أن يعرقل أو يمنع أنشطة الإنقاذ في البحر”.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في إيطاليا، التي دشنت مؤخراً سفينة جديدة للقيام بعمليات الإنقاذ في البحر المتوسط بالتعاون مع مؤسسة ” SOS Mediterranee “الخيرية: “إن القانون الجديد سيتسبب بمعاناة ويعرض حياة الضعفاء للخطر”.