تونس

مناظرات تلفزيونية هي الأولى من نوعها قبل الانتخابات الرئاسية في تونس

اف ب/ارشيف / أنيس ميليعلم تونسي أمام مكتب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 15 آب/أغسطس 2019 في سيدي بوزيد

قبل ثمانية أيّام من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة، نظّمت تونس السبت الأمسية الأولى من المناظرات الكبرى بين المرشّحين، في مبادرة ديموقراطيّة لا مثيل لها في العالم العربي.

وهذه العمليّة التي قدّمها مروّجوها على أنّها “الحدث” الأبرز خلال الحملة الانتخابيّة و”نقطة تحوّل” في الحياة السياسيّة في تونس التي انطلق منها حراك الربيع العربي، تعمل منذ أسابيع على تعبئة وسائل الإعلام السمعيّة البصريّة العامة والخاصّة، فضلاً عن منظّمة غير حكومية متخصّصة في الحوار السياسي.

وتمّ توزيع المرشّحين للتناظر خلال ثلاث أمسيات، ثمانية السبت وتسعة الأحد وثمانية الإثنين — لمدة ساعتين ونصف ساعة لكلّ مناظرة تحت عنوان “الطريق إلى قرطاج. تونس تختار”، وبُثّت الأمسية على 11 قناة تلفزيونية بما في ذلك قناتان عامتان وعشرون إذاعة.

بلهجة مازحة، يقول بلعباس بن كريدة، مؤسّس مبادرة “مناظرة”، الشريك غير الحكومي للعمليّة، تعليقاً على هذه المناظرات: “لا مجال للإفلات منها”.

شارك في مناظرة السبت عدد من أبرز المرشّحين من أصحاب “الوزن الثقيل”، بينهم المرشّح الإسلامي عبد الفتاح مورو، وأوّل رئيس تونسي ما بعد الثورة منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء السابق مهدي جمعة، والناشطة المعارضة للإسلاميين عبير موسي.

وكان هناك كرسي فارغ لرجل الأعمال المثير للجدل نبيل القروي، المرشّح الذي أودع السجن بتهم غسل الأموال.

وجاء في تغريدة على الصفحة الرسمية للقروي تعليقاً على غيابه “حرموني هذه الليلة من حقّي الدستوري للتعبير أمام الشعب التونسي. ويجرؤون على الحديث عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ أساسي وهو التساوي في الحظوظ”.

ودرس المنظّمون إتاحة مشاركته في النقاش عبر الهاتف من زنزانته، لكنّ القرار تُرِك للقضاء.

– “تاريخي”-

نُظّمت المناظرة التي بدأ الإعداد لها منذ شهر آذار/مارس الفائت، في مقرّ قناة “الوطنية” التونسية العامة، ووقف خلالها المرشّحون على شكل نصف دائرة أمام منابر اختيرت على أساس القرعة وفي الوسط صحافيّان يُديران الحوار وفقاً للتوقيت المحدّد.

طرح الصحافيّان أسئلةً أعدّها إعلاميّون وكانت اختيرت بالقرعة مساء الجمعة، ورَدّ عليها المشاركون على امتداد ساعتين. وشملت الأسئلة مجالات تتعلّق بحقوق الإنسان والأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجيّة، إضافة إلى تعهّدات المرشحين للأيّام المئة الأولى من الحكم.

تقول إيمان (30 عاماً) وهي عاطلة عن العمل، لوكالة فرانس برس وهي تتابع المناظرة في العاصمة تونس ويظهر على ملامحها عدم الرضا “بالنسبة لي، لم تتّضح الأمور بعد”.

في المقابل، سارع روّاد مواقع التواصل الاجتماعي إلى الاحتفال بهذا الحدث.

من جهته، قال الأسعد خضر، رئيس نقابة قنوات التلفزيون الخاصة “سنكون صارمين للغاية في تحديد الوقت. هذه هي قاعدة اللعبة. أنتم أمام الشعب ولديكم جميعا الوقت نفسه لإقناعه”، متوقعاً “مناقشات غنية جداً وحامية جداً”.

– منافسة مفتوحة –

علاوةً على الجوانب التنظيميّة والفنّية، يصرّ جميع المنظّمين على الطبيعة غير المسبوقة لهذه العملية.

ويبيّن خضر “في العالم العربي، في أغلب الأحيان عندما نتحدّث عن المنافسة، نعرف من سيفوز في النهاية بنسبة 99,99٪ من الأصوات. أما اليوم فنحن لا نعرف من سيفوز”. في الواقع، يصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية، مع هذا العدد الكبير من المرشحين والبرامج والقضايا التي يصعب حصرها في بعض الأحيان.

ويؤكد كثير من التونسيين أنّهم ينتظرون المناظرة الكبرى لتحديد موقفهم.

ويقول الإعلامي زياد كريشان “التونسيون لم يحسموا رأيهم. الأرجح أن يكون للمناظرات الثلاث دور في التأثير على قرارهم بشأن بعض الأمور، وقد يغيّر بضعة آلاف توجّه البلاد بصورة جذريّة”.

وتقول منية ذويب عضو اللجنة المنظمة، “هذا غير مسبوق! بصفتي صحافية تونسية، أنا فخورة بهذا ومتلهفة للأمر”.

ويضيف بلعباس بن كريدة “لم تجد ثقافة النقاش بعد مكاناً لها في العالم العربي”. ومع تأكيده أنّ العرض سيُعاد بثّه على قنوات عراقيّة وجزائريّة وليبيّة، فإنّه يأمل في “أن تكون الخطوة الأولى بمثابة مصدر إلهام” للآخرين.

في عام 2012، بعد 15 شهرًا من إطاحة الرئيس حسني مبارك من جانب حركة احتجاج استلهمت الثورة التونسيّة، نظّمت مناظرة تلفزيونية، وُصِفت حينها بأنها “تاريخية” بين مرشّحين اثنين من بين 13 مرشحاً للرئاسة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى