تعليقا على وفاة شابة مصرية دون العشرين من عمرها واقتضاب سبب الوفاة الرسمي
احمد دياب*
منذ عدة أيام توفيت في لندن شابة مصرية في منتصف العشرينات من عمرها. وكان جديرا بكل من سمع الخبر أن يبحث بجدية عن أسباب وفاة الفتاة الشابة بهذا الشكل المفاجيء، ولكن المناقشات اتخذت مناحٍ أقل ما يقال عنها أنها سخيفة وتافهة، كحال معظم حوارات البشر في منطقتنا البائسة، التي لم تخرج بعد من حقبة العصور الوسطى.
ليس من المعقول أن يتوفى الأشخاص في هذا السن أو في أي سن بدون تحديد سبب الوفاة بدقة، وذلك للآتي:
– معرفة إذا ما كان سبب الوفاة جنائي أو انتحار
– معرفة إذا ما كانت الوفاة ناتجة عن أخطاء طبية في الفحص أو التشخيص أو العلاج
– معرفة إذا ما كانت الوفاة ناتجة عن مرض وراثي
– معرفة إذا ما كانت الوفاة ناتجة عن مرض نادر الحدوث
معرفة الأسباب ضرورية لكي تتم معاقبة الجناة في حالة وجود شبهة قتل أو مساءلة المقصرين في حالة وجود أخطاء طبية وتشخيصية وعلاجية. وتوعية الآخرين في حالة وجود شبهة انتحار. وتوعية باقي أفراد الأسرة لأخذ الاحتياطات اللازمة في حالة وجود عوامل وراثية. وأخيرا في حالة وجود مرض قاتل نادر سيتوجب إلقاء الضوء عليه لإجراء المزيد من البحث والدراسة عنه لإنقاذ الآخرين قبل أن يتعرضوا له.
في الحالة التي نتحدث عنها كان الكلام عن سبب الوفاة مقتضبا جدا عن أن الفتاة كانت في آخر محادثة مع والدتها تشكو من آلام حادة وصداع شديد، لذلك أرجع البعض السبب المباشر للوفاة بأنه نزيف داخلي في المخ Intracerebral hemorrhage ، ولكن حتى ذلك المرض له أسبابه وأعراضه التي لا يفترض أن تأتي للمريض وتقتله فجأة بهذا الشكل. وهذا يتطلب معرفة ما إذا كانت الفتاة قد عانت من تلك الأعراض سابقا وتم تشخيصها بشكل خاطيء وبالتالي تلقت علاجات خاطئة تسببت في قتلها. هناك أيضا سبب آخر مباشر لهذا المرض وهو تعرض الرأس لصدمات قوية. وهناك سبب آخر مثل تمدد الأوعية الدموية وكذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد، وكل تلك الأمراض قد تنتج عن استعدادات وراثية أو عن تأثيرات جانبية لعقاقير علاجية لأمراض أخرى أو عن إدمان الكحول أو النيكوتين.
في أي دولة تحترم البشر، يكون تشريح جثة الشخص المتوفى ضروريا لمعرفة الأسباب الحقيقية المباشرة والغير مباشرة للوفاة، ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة.