الأم ورضيعها “على موجة واحدة” دماغيا أثناء اللعب.. كيف يقرأ طفلك أفكارك؟
ابنك الرضيع لم يتعلم الكلام بعد، ولكنه تعلم التعلق بك بالتأكيد، هل تلعبين معه وتتحدثين إليه؟ أم أنك توفرين له احتياجاته الأساسية وتنشغلين عنه للانتهاء من مهامك بحجة أن كل ما يحتاج إليه في هذا السن هو الأكل والنوم وربما الاحتضان؟
تقرأ الكثير من الأمهات عن كيفية تنمية عقول أطفالهن وجعلهم أذكياء منذ الصغر، ولكن ما عليك فعله الآن هو اللعب مع طفلك الرضيع والنظر في عينيه كثيرا أثناء حديثك معه وقراءة القصص له، فحينما تلعبين معه فإن دماغيكما يتواصلان بما يتيح للصغير قراءة ما يدور في دماغك، فهو يعرف أنك ستواصلين الحديث معه بلغة هدهدة الأطفال، وأنت تتوقعين موعد ابتسامته المقبلة.
هذا ما توصلت إليه نتائج دراسة جديدة نشرت في ديسمبر/كانون الأول 2019 في مجلة العلوم النفسية، بأن أدمغة الأطفال والبالغين تتزامن أثناء اللعب، وقد تكون حرفيا على “موجه واحدة”، ويحدث لدى كل منكما نشاط مخي مشابه في مناطق المخ نفسها.
كيف تتشكل أدمغة الصغار؟
الطفولة هي الفترة التأسيسية للتعلم من الكبار، وقد هدفت هذه الدراسة للكشف عن طبيعية التفاعلات التي تحدث بين الرضيع والبالغين ممن حوله بهدف معرفة الكيفية التي تتشكل بها أدمغة وسلوكيات الأطفال، وكيف أنها تعكس ردود الفعل على أدمغة البالغين أثناء تواصلهم في الحياة الواقعية.
لذا أجرى فريق من الباحثين في جامعة برينستون أول دراسة لكيفية تفاعل أدمغة الأطفال والكبار أثناء اللعب الطبيعي، ووجدوا أوجه تشابه قابلة للقياس في نشاطهم العصبي، فقد لاحظوا ارتفاع نشاط الدماغ للأطفال والكبار أثناء مشاركتهم اللعب والاتصال بالعين، مع انعدام هذا النشاط حينما يبتعد كل منهما عن الآخر. ويؤكد الباحثون بالدراسة أن التزامن العصبي له آثار مهمة على التنمية الاجتماعية وتعلم اللغة لدى الأطفال.
تقول إليز بيازا، الباحثة المشاركة في الدراسة “لقد أظهرت الأبحاث السابقة أن أدمغة البالغين تتزامن عندما يشاهدون الأفلام ويستمعون إلى القصص، لكن لم نكن نعرف الكثير عن كيفية تطور “التزامن العصبي” لدى الصغار.
من خلال تحليل بيانات الدراسة، وجد الباحثون أنه خلال جلوس الكبار والصغار وجها لوجه كانت أدمغة الأطفال متزامنة مع دماغ الكبار في مجالات عدة، والتي من شأنها مساعدة الأطفال على فك شفرة المعنى العام للقصة التي قرأها الكبار أثناء التجربة.
عندما أبعد البالغون والرضع عن بعضهم بعضا وتواصلوا مع أشخاص آخرين اختفى الاقتران بينهما، وهذا ما توقعه الباحثون.
مفاجآت غير متوقعة
البيانات كانت تحتوي أيضا على مفاجآت. على سبيل المثال، حدث الاقتران الأقوى بين الكبار والصغار في قشرة الفص الجبهي التي تشارك في التعلم والتخطيط والأداء التنفيذي، وكان يعتقد سابقا أنها متأخرة تماما خلال فترة الطفولة.
يقول لويس وليامز، باحث مشارك بالدراسة “لقد فوجئنا أيضا عندما وجدنا أن دماغ الرضيع كان يتقدم ويقود دماغ البالغين في كثير من الأحيان ببضع ثوان، مما يشير إلى أن الأطفال لا يتلقون المدخلات بشكل سلبي فحسب، بل قد يرشدون البالغين نحو الشيء التالي الذي سيركزون عليه”.
تضيف إليز بيازا، “أثناء الاتصال العصبي، يبدو أن الطفل والراشد يشكلان حلقة من الفعل ورد الفعل”. ويبدو أن دماغ الراشد كان يتنبأ بموعد ابتسامة الرضع، وتوقع دماغ الرضيع متى يستخدم الراشد المزيد من “كلام الأطفال”، كما أظهرت النتائج أن أدمغة الكبار والصغار تؤثر على بعضهم البعض بطرق ديناميكية.
ويمكن لنتائج هذه الدراسة أن تفتح الأبواب لفهم حالات الأطفال المصابين بالتوحد، وكذلك كيف يمكن للمعلمين تحسين مناهجهم التعليمية لاستيعاب أدمغة الأطفال المتنوعة.