عطل خط النفط يشل الحياة في شوارع الخرطوم
تعاني العاصمة السودانية والمدن المختلفة من أزمة خانقة في البنزين منذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي بسبب عطل فني أدى لانسداد الخط الناقل للخام من منطقة هجليج غرب البلاد وحقول دولة جنوب السودان.
وقال وكيل وزارة الطاقة والتعدين حامد سليمان حامد -طبقا لوكالة السودان للأنباء (سونا)- إن العطل طال مربعات 1 و2 و4 جراء توقف أجهزة التسخين المعنية بمعالجة اللزوجة مما أدى إلى تكوُّن مادة شمعية في جدار الأنبوب أعاقت انسياب مرور النفط الخام والذي يغطي استهلاك 65% من استهلاك البلاد.
وتبدو شوارع الخرطوم شبه خالية من حركة السيارات التي يتكدس نصفها أمام محطات الوقود ليل نهار للظفر بعدة لترات، في حين تنتظر بعض السيارات أمام المحطات التي تنتظر بدورها وصول الشاحنات المحمَّلة بالبنزين (تناكر) من ميناء بورتسودان.
وفي الأثناء انتعشت حركة سماسرة السوق السوداء، وبات غالون البنزين يباع بأربعة أضعاف سعره، بواقع 120 جنيهاً (أكثر من دولارين ونصف الدولار) الأمر الذي أثار تذمراً واسعاً وسط سائقي السيارات، لدرجة أن بعضهم طالب بثورة جديدة “لتنظيف الضمائر” ومحاربة الجشع.
وكانت أزمة الوقود أحد الأسباب الرئيسة في اندلاع الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر/كانون الأول 2018، واستمرت الأزمة بشكل متقطع بعد نجاح عملية التغيير التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير.
وكانت الحكومات المتعاقبة في عهد النظام المعزول قد تمسكت بدعم المحروقات في الموازنة العامة للدولة، بيد أن الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك أقرت في موازنة العام الحالي رفعاً تدريجياً للدعم عن البنزين والجازولين.
ومنذ تفاقم أزمة الوقود، بدا الشارع محتقناً، إذ امتدت الأزمة لتلقي بظلالها على المواصلات ومعاناة الناس في الوصول من وإلى منازلهم، في ظل جشع بعض سائقي المركبات العامة بزيادة التعرفة وتجزئة الخطوط مما أرهق كاهل المواطنين.
تحوطات
في الأثناء أعلنت وزارة الطاقة والتعدين عن التحوطات التي وضعتها لتجاوز التداعيات السلبية للأزمة، وقالت في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إنها شرعت في توزيع المواد البترولية من المستودعات لتغطية الطلب.
بيان الوزارة أشار إلى استيراد كميات إضافية من المنتجات البترولية لسد النقص بكميات تكفي حاجة البلاد إلى حين انجلاء الأزمة، وانتهاء أعمال الصيانة الطارئة في الخط.
كما طمأنت المواطنين باستقرار الإمداد بالمنتجات البترولية بصورة طبيعية في غضون أيام، عقب استعادة مصفاة الخرطوم التي استأنفت عملها بطاقتها الإنتاجية المعتادة مستفيدة من الضخ العكسي لخام الصادر في ميناء بورتسودان.
ولم يتأثر الغازولين بالعطل الذي أصاب الخط الناقل لخام النفط، ومع ذلك ظلت السيارات التي تستخدم الغازولين تتكدس أمام محطات الوقود، رغم تطمينات وزارة الطاقة والتعدين بأن الكميات المنقولة عبر الخط من بورتسودان كافية تماماً للاستهلاك المحلي.
يبدو التذمر واضحا على وجوه أصحاب المركبات التي تتكدس أمام محطات البنزين. وتقول فوزية (موظفة وربة منزل) في حديثها للجزيرة نت إن أزمة البنزين انعكست سلبا على أدائها الوظيفي والمنزلي، حيث صارت تستأذن لتخرج أثناء الدوام لتلحق بطابور محطات البنزين، وتضطر مع حلول الظلام إلى الاستعانة بزوجها ليسهرا معاً في انتظار البنزين.
ويشكو الطيب علي آدم السائق في إحدى الشركات الخاصة من ضياع الساعات التي يقضيها في محطة البنزين، ويقول للجزيرة نت إنه درج على الخروج من منزله عقب صلاة الفجر ولا يعود إلا بعد صلاة المغرب.
مجحف
كانت السلطات المختصة قد أصدرت قرارا وحدت فيه حصة البنزين لكافة السيارات بمعدل 120 جنيهاً للسيارة الواحدة مهما كانت سعتها، حتى يتسنى للجميع التزود بالبنزين.
وينتقد أحمد محمد الحبيب (صاحب سيارة خاصة) خطوة توحيد حصة البنزين، ويقول للجزيرة نت إن القرار مجحف ولا يسنده منطق، ويتسأل: كيف يقضي أكثر من عشر ساعات في محطة الوقود وينتهي به الحال بصرف أقل من عشر لترات من البنزين؟
مخاوف
يتخوف أصحاب التاكسي من مغبة زيادات متوقعة في سعر البنزين مع توجه الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات، ويقول عثمان محمد عبد القادر إنه سيصبح كارثة حقيقية علينا ويضعنا في مواجهة مباشرة مع المواطنين.