لأول مرة.. طيران حكومة الوفاق الليبية يهيمن على سماء المعركة
بشكل غير مسبوق، هيمن سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا على سماء المعركة في المنطقة الغربية للبلاد، وذلك منذ إطلاق قوات الوفاق عملية عاصفة السلام يوم 25 مارس/آذار 2020، وبعد أن كانت الغلبة لطيران اللواء المتقاعد خليفة حفتر وحلفائه الدوليين منذ إطلاق الهجوم على طرابلس يوم 4 أبريل/نيسان 2019.
ومن المتوقع أن يكون لهذا التطور الميداني تداعيات على سير معركة طرابلس، خاصة أن سلاح الجو قام بدور حاسم في قلب نتائج معارك عدة في ليبيا لصالح قوات حفتر مثل معركة بنغازي بين عامي 2014 و2017، ومعركة درنة في العام 2018.
وتعد الغارات الجوية التي نفذتها حكومة الوفاق على قاعدة الوطية الجوية (140 كلم جنوب غرب طرابلس) بشكل شبه يومي منذ نهاية الشهر الماضي، وتلك التي استهدفت قوات حفتر في المنطقة الواقعة بين مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس) في الأيام القليلة الماضية، دليلا على تسيد طيران حكومة الوفاق سماء المنطقة الغربية للبلاد، من الوشكة شرقا إلى الوطية غربا، على مدى يفوق 500 كيلومتر.
وقد مر صراع السيطرة على أجواء المنطقة الغربية بين حكومة الوفاق وقوات حفتر بأربع مراحل منذ بدء الهجوم على طرابلس:
المرحلة الأولى
حاول سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق مضاهاة طيران قوات حفتر والدول الداعمة له في الأشهر الستة الأولى منذ بدء هجوم طرابلس، إذ شن طيران قوات الوفاق أكثر من 700 غارة، في حين شن طيران حفتر والدول الداعمة له 1020 غارة، منها 850 بطائرات مسيرة و170 غارة بطائرات مقاتلة قاذفة، بينها 60 غارة لطيران أجنبي، حسب تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صدر في يناير/كانون الثاني 2020.
ورغم تفوق حفتر في عدد الغارات الجوية بنحو 60% مقابل 40% للوفاق، فإنها المرة الأولى منذ 2014 التي يخوض فيها معركة لا يكون سلاحه الجوي مهيمنا على سماء المعركة.
فقد تمكن طيران الوفاق في المرحلة الحالية من قطع خطوط الإمداد الطويلة لقوات حفتر، الممتدة من قاعدة الجفرة الجوية وسط البلاد، مرورا بمدينتي بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) وترهونة (65 كلم جنوب شرق طرابلس)، إلى غاية جبهات القتال جنوبي العاصمة.
المرحلة الثانية
بعد ساعات من قصف قاعدة الجفرة الجوية صيف العام الماضي، رد طيران حفتر وداعموه بغارات انتقامية مكثفة، ولأول مرة، على مطار مصراتة وكليتها الجوية، مستهدفا حظيرة الطائرات المسيرة. وطيلة شهر أغسطس/آب 2019، كثفت قوات حفتر غاراتها على مطاري مصراتة ومعيتيقة في طرابلس بهدف إخراج طيران الوفاق من المعركة.
وزاد من معاناة طيران الوفاق تزويد الإمارات ودول داعمة لحفتر مثل مصر بمنظومات بانتسر للدفاع الجوي، ودخول مرتزقة فاغنر الروسية ميدان المعركة بخبرتهم في التحكم بالطائرات المسيرة، ومنظومات الدفاع الجوي، بالإضافة إلى التدريب وصيانة الطائرات.
وبحلول سبتمبر/أيلول 2019، كادت طائرات الوفاق تختفي من سماء المعركة التي تسيدها حفتر بدعم قوي من داعميه الدوليين، واستمر الوضع إلى غاية ديسمبر/كانون الأول 2019، واستغلت قوات حفتر تفوقها الجوي لتكثيف غاراتها، خاصة على الأحياء الجنوبية لطرابلس.
المرحلة الثالثة
بعد توقيع حكومة الوفاق اتفاقا أمنيا مع تركيا بنهاية نوفمبر/تشرين الأول 2019، تغيرت معطيات ميدانية على أرض وفي سماء المعركة، إذ مكن الاتفاق الأمني حكومة طرابلس من تنصيب منظومات دفاع جوي متطورة في كل من طرابلس ومصراتة.
وجاء إسقاط طائرة “ميغ 23” تابعة لحفتر يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2019 وأسر طيارها، ليؤرخ لنهاية سيطرة طيران حفتر على سماء طرابلس، وفي 28 يناير/كانون الثاني 2020، أسقطت قوات الوفاق طائرة مسيرة شرق مصراتة بصاروخ أرض جو.
المرحلة الرابعة
بعد يوم واحد فقط من الاقتحام المفاجئ لقوات الوفاق لقاعدة الوطية الجوية يوم 25 مارس/آذار الماضي، وأسرها 27 عنصرا من عناصر حفتر بينهم طيارون وتقنيو طيران، شن طيران قوات الوفاق هجوما على القاعدة نفسها بهدف شل نشاطها.
وتوالت غارات الوفاق على قاعدة الوطية، التي طالما استخدمها طيران حفتر في قصف أحياء العاصمة، أوقعت العديد من القتلى والجرحى، وتدمير آليات مسلحة، لكن أشدها وقعا كان تدمير 3 طائرات عسكرية من نوع سوخوي 22، كانت رابضة في القاعدة، وذلك يوم 3 أبريل/نيسان الحالي.
وقبلها بيومين، أسقطت قوات الوفاق طائرة مسيرة إماراتية جنوب بلدة العجيلات (80 كلم غرب طرابلس)، غير بعيد عن قاعدة الوطية.
وفي شرق مصراتة، قام طيران قوات الوفاق بدور مهم في صد هجوم كبير لقوات حفتر على منطقة أبوقرين (110 كلم جنوب مصراتة)، انطلاقا من معاقله في الوشكة غرب سرت، بل أكثر من ذلك تمكنت قوات الوفاق من قصف غرفة عمليات سرت الكبرى، وقتل قائدها ونائبه وعشرات الضباط والجنود.
خطوط الإمداد
وعاد طيران الوفاق لاستهداف خطوط الإمداد الطويلة لقوات حفتر بعد أشهر من الغياب، إذ قصفت ثلاث شاحنات للوقود جنوب مدينة بني وليد، وثلاث شاحنات محملة بالذخيرة في منطقة الأصابعة (جنوب غرب غريان).
ورغم استعادة قوات الوفاق المبادرة في سماء المعركة، فإن حلفاء حفتر يواصلون دعمه بالطائرات المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي لاستعادة السيطرة على الأجواء، مما سيؤدي إلى تصعيد الصراع.