جائحة كورونا تعمق محنة السجناء في الشرق الأوسط
بعد أن أصبح البقاء في المنازل نمط الحياة في ظل الاجراءات الاحترازية لتجنب تفشي جائحة كورونا في الشرق الأوسط، اتجهت الأنظار الى هؤلاء الذين يعانون من نوع أقسى من العزلة خلف قضبان السجون.
وتجاوبت بعض حكومات المنطقة مع الضغوط السياسية التي مارسها الناشطون للإفراج عن سجناء فيما تجاهلتها تماما حكومات أخرى.
وأفرجت البحرين عن مئات السجناء الشهر الماضي كما أطلقت ايران سراح أكثر من 85 ألف سجين ثم قامت تونس والمغرب بالإفراج عن قرابة 6 آلاف من السجناء خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي مطلع الشهر الجاري، أصدرت السلطات الجزائرية عفوا عن 5 آلاف سجين.
لكن بالنسبة لمن بقوا في السجون فالوضع قاس.
ويقول قدور شويشة (63 سنة) وهو أستاذ جزائري في كلية الهندسة بجامعة وهران وناشط حقوقي “بسبب الجائحة، بات العزل عقوبة إضافية للسجناء”.
– “السجن يدمرك نفسيا”
ولم تلتفت السلطات المصرية الى دعوات والتماسات للإفراج عن سجناء من سجونها المكتظة وأبقت على الناشطين المعارضين في الحبس فيما تتزايد أعداد الإصابات بالفيروس في البلاد منذ أسابيع.
وقال سجين مصري سابق، فضل عدم الكشف عن هويته خشية من العواقب المحتملة، إن هناك “مأساة داخل السجون” بسبب الأوضاع غير الصحية والتكدس.
وقال السجين السابق وهو كاتب معروف في مصر لفرانس برس “كنا نحلم بفتح الباب المعدني للزنزانة حتى لو لم يكن يؤدي الا الى ممر يقف فيه أحد حراس السجن. فقد كان هذا يعني الكثير بالنسبة لنا نفسيا”.
وأمضى الرجل قرابة عامين في زنزانة ضيقة مع 25 سجينا آخر بسجن برج العرب (شمال) غرب الاسكندرية وروى كيف أن حفرة في الأرض كانت تستخدم كمرحاض وكدورة مياه للاستحمام.
وأضاف السجين السابق الذي أفرج عنه في العام 2015 “كان لدينا غطاء سرير من الصوف يستخدم كباب لدورة المياه. وكنا نستخدم القليل من المياه الجارية التي نضعها في اناء للاستحمام على الارض الاسمنتية المتسخة اصلا”.
وتابع “كنا ننام على +الجانب+ أي اننا نتمدد على الارض الواحد بجوار الآخر على جانبنا فلم يكن هناك مساحة كافية للنوم على الظهر”.
وأبدى السجين السابق تخوفه من أن يزداد الوضع الصحي للسجناء سوءا بعد أن قررت السلطات وقف الزيارات للسجون كأحد الاجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
ولكنة يخشى بالاساس أن تسوء حالتهم النفسية.
ويقول “تخيل أنك في غرفة بمفردك وليس هناك اي اتصال بينك وبين العالم الخارجي ولا يمكنك الاطمئنان على أسرتك أو معرفة ما اذا كان ريال مدريد أحرز هدفا.. هذا هو شعور السجين وهو مدمر نفسيا”.
– “محنة السجناء”-
في سوريا حيث يستمر النزاع منذ العام 2011 ، أدت الجائحة الى انطلاق دعوات تذكر بالسجناء السياسيين المنسيين في حبس انفرادي.
وفا مصطفى، وهي ناشطة سورية وعضو في مجموعة أرسلت مذكرة الى الأمم المتحدة والصليب الأحمر تطالب بارغام الرئيس بشار الأسد علة اطلاق سراح كل السجناء، تغرد بانتظام حول مخاوفها على صحة والدها اذا وصل الفيروس الى السجون.
وعلى تويتر، كتبت تغريدات مصحوبة بصورة قديمة لها مع والدها. وقالت “2464 يوما أمضاها أبي في سجون الأسد. 7 سنوات تقريبا، حزن، غضب وأمل. حاولت دائما أن أتجنب التفكير: هل هو على قيد الحياة، هل هو بخير، هل سأراه مجددا؟”
وتابعت “مع كارثة كوفيد-19 الآن، باتت مقاومة الألم أصعب من أي وقت مضى”.
وفي ايران، وصف رضا خندان زوج المحامية المدافعة عن حقوق الانسان نسرين ستوده، الوضع في سجن ايوين حيث زار زوجته.
وكتب على فيسبوك: “الغرفة المزدحمة مكان مثالي لينتشر الفيروس”، مشيرا الى أن العديد من الأسر اضطرت للذهاب الى السجن بما أنه تم فرض قيود على الاتصالات الهاتفية.
وتحدث خندان نقلا عن زوجته، عن نقص كبير في الأقنعة الواقية والقفازات في السجن.
وأعربت ليله خليلي، استاذة العلوم السياسية في جامعة كوين ماري بلندن التي كتبت عدة دراسات عن السجون في المنطقة، عن تشاؤمها ازاء إمكانية حرص “حكومات متسلطة” على صحة مواطنيها بشكل عام وبالأحرى حرصها على صحة السجناء.
وقالت “إن خطر المرض يمكن أن يكون وسيلة لترهيب السجناء” مضيفة “للأسف، لن يتم إعطاء الأولوية لمحنة السجناء”.
وخلصت الى القول إن الاعتبارات الأمنية لدى عدة دول “أهم … من الصحة العامة”.