ضحكات الأطفال تصدح مجددا في دور الحضانة إثر تخفيف قيود احتواء كورونا في النروج
بين متلهّف للقاء أصدقائه ومتردد في الابتعاد عن أهله، بدأ الأطفال النروجيون الإثنين بالعودة إلى دور الحضانة بعدما أمضوا شهرا في منازلهم في إطار تدابير احتواء فيروس كورونا المستجد.
وبعد خمسة أسابيع من الصمت المطبق، عادت ضحكات الأطفال تصدح في ملاعب دار حضانة “إسبيرا غريفسن ستاسيون” في شمال العاصمة النروجية أوسلو.
متلحّفين بسترات وقبعات شتوية عاد الأطفال إلى دور الحضانة صباح الإثنين وسط أجواء باردة لم تدفئها أشعة الشمس الساطعة.
البعض تردد في الابتعاد عن ذويه، لكن معظم الاطفال كانوا متلهّفين للركض وللقاء أصدقائهم للّعب في الملاعب الرملية.
وبعدما أوصلته مع شقيقه كاسبر، قالت سيليي سكيفييل عن ابنها البكر آيزاك “كان متحمّسا جدا إلى درجة دفعتنا للخروج من المنزل باكرا للمجيء إلى هنا ورؤية أطفال آخرين”.
وأضافت “كدت أبكي، كان سعيدا جدا لرؤية أصدقائه”.
وحضر العاملون في الحضانة لاستقبال الأطفال عند المدخل بما أنه يحظر على العامة دخول المبنى وذلك للحد من مخاطر العدوى.
لكن أحدا من الموظفين أو الأهل لم يضع كمامات.
ومع النمسا والدنمارك وألمانيا، تعد النروج من أولى البلدان التي بدأت بتخفيف قيود احتواء فيروس كورونا المفروضة منذ 12 آذار/مارس.
وسجّلت النروج التي يبلغ عدد سكانها 5,4 ملايين نسمة، 7113 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد و154 وفاة، وقد شهدت تراجعا ملحوظا في عدد الإصابات الجديدة التي تتطلب معالجة في المستشفى.
– استعادة الحياة الطبيعية؟ –
ولم تعلن النروج الانتصار على الفيروس، لكنّ سلطاتها أعلنت مطلع نيسان/أبريل أنها باتت تعتبر الوباء “تحت السيطرة”، لتنطلق البلاد في رحلة استعادة الحياة الطبيعية وإن بوتيرة بطيئة وبشكل تدريجي.
وبعد دور الحضانة تعيد المدارس الابتدائية فتح أبوابها الإثنين المقبل.
وأعلنت السلطات أنها أمرت بإعادة فتح دور الحضانة لأن الأطفال أقل تأثرا بكوفيد-19 من غيرهم.
وردّدت وزيرة التربية غوري ميلبي مرارا إن “الذهاب إلى دور الحضانة آمن” خلال الإعلان عن إعادة الفتح.
إلا أن بعضا من الأهالي اعترضوا على القرار.
وعلى غرار الدنمارك المجاورة حيث بدأت المدارس تعيد فتح أبوابها اعتبارا من الأسبوع الماضي، تم إنشاء مجموعة على فيسبوك تحت عنوان “يجب ألا يكون ابني حقل تجارب لكوفيد-19″، كم تم إطلاق عريضة للاعتراض على إعادة الفتح حصدت إلى الآن نحو 30 ألف توقيع.
وأظهر استطلاع نشرته محطة “ان ار كي” في نهاية الأسبوع أن 24 بالمئة من الأهالي لا يريدون عودة أطفالهم إلى دور الحضانة، وأن 13 بالمئة متردّدون في ذلك.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي كثرت الاتّهامات بـ”المغامرة بأرواح الأطفال” وبلعب “الروليت الروسية”.
ونشر أحد الأهالي تعليقا على فيسبوك جاء فيه “لن أرسل ابنتي إلى الحضانة ما لم أصبح مطمئنا بنسبة 110 بالمئة”.
ويتعيّن على دور الحضانة التقيّد ببروتوكولات صحية معيّنة، إذ يجب توزيع الأطفال دون الثالثة من العمر على مجموعات تتألف من ثلاثة أطفال تكون تحت إشراف شخص راشد. أما الأطفال بين الثالثة والسادسة من العمر فيمكن توزيعهم على مجموعات من ستة أطفال.
وفي “إسبيرا غريفسن ستاسيون”، يتولى موظف يضع قفازات بلاستيكية تنظيف صالة التمارين الرياضية في أثناء لعب الأطفال.
وقالت مديرة الحضانة تونه ميلا التي حضرت للرد على أسئلة الأهالي “لقد عقّمنا روضة الأطفال، كل شيء في غاية النظافة”.
وأضافت “بالطبع، الآن النظافة هي الهم الأكبر”.
وعلى الصعيد الرسمي، تم اتّخاذ قرار إعادة فتح دور الحضانة بناء على أسس صحية، إلا أن القرار ينعكس من جهة أخرى ارتياحا لدى بعض الأهالي المضطرّين للتوفيق بين مسؤوليات رعاية الأسرة والعمل من المنزل.
وبعدما أوصل ابنه أوليفر إلى “إسبيرا غريفسن ستاسيون” أكد أولاف كنيبن لوكالة فرانس برس صعوبة الفترة الماضية، وقال “كان من الممتع تمضية وقت أطول من المعتاد معه، لكن العمل كان صعبا لاني لم أتمكن من إنجاز كل ما كان يفترض أن أنجزه”.
ولدى سؤاله عمّا إذا لديه مخاوف بشأن عودة الأطفال إلى دور الحضانة، أكد أنه يثق بالسلطات.
وقال “في البيت، قرّرنا اتّباع توصيات السلطات الصحية. لذا حين توصي السلطات بهذا الأمر (إعادة فتح دور الحضانة)، نثق بان الأمر سيكون آمنا نسبيا”.
لكنه أضاف “بالطبع لسنا واثقين بنسبة 100 بالمئة، لكنّي أوافق (السلطات) الرأي بأن الوقت قد حان لذلك”.