فيروس كورونا يجبر البرلمان اللبناني على عقد جلسة تشريعية خارج مقره
بدأ البرلمان اللبناني الثلاثاء جلسة تشريعية تستمر ثلاثة أيام، وسط تدابير احترازية مشددة خشية من فيروس كورونا المستجد، استدعت نقل الاجتماع إلى قاعة مؤتمرات في بيروت فيما عاد المتظاهرون ضد الطبقة السياسية إلى الشارع.
ومنذ منتصف آذار/مارس، اتخذت الحكومة اللبنانية سلسلة إجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد بدءا بالطلب من المواطنين البقاء في منازلهم وإغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية، إلى فرض حظر تجول تام ليلاً. وقد سجل لبنان رسمياً 677 إصابة بالوباء، بينها 21 وفاة.
وفرض انتشار الفيروس على البرلمان نقل جلساته إلى قصر الأونيسكو في قاعة تتسع لألف شخص تقريباً بما يحقق التباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية للنواب الذين حضروا مرتدين كمامات وقفازات.
وأقر البرلمان في جلسته الصباحية الثلاثاء 16 مشروع قانون من أصل 66 بنداً على جدول أعماله، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.
وأقر بداية اتفاقية قرض سابقة مع البنك الدولي لدعم النظام الصحي وسط أزمة فيروس كورونا المستجد ستخصص 40 مليون دولار منها لمكافحة الوباء. كما أقرّ قانوناً لمكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.
وأبرز ما أقره المجلس خلال النهار اقتراح قانون تنظيم زراعة القنب للاستخدام الطبي في بند لقي إجماعاً من غالبية الكتل.
ومن شأن تشريع زراعة الحشيشة توفير مداخيل مالية للخزينة. وشكلت الحشيشة، المعروفة بـ”نوعيتها الجيدة”، خلال الحرب الأهلية (1975-1990) صناعة مزدهرة كانت تدر ملايين الدولارات قبل أن تحظرها السلطات.
وبخلاف تشريع زراعة الحشيشة، لم يحظ مشروع حول العفو العام بإجماع نيابي، وجرت إحالة الاقتراحات المتعلقة به إلى اللجان النيابية المشتركة لدراستها خلال مهلة 15 يوماً.
ويدعم حزب الله وحليفته حركة أمل وكذلك تيار المستقبل إقرار العفو، في حين تعارضه الكتل المسيحية الرئيسية.
ويشكّل العفو العام مطلباً لأهالي ما يُعرف بـ”الموقوفين الإسلاميين” وعددهم 1200 تقريباً. يتحدّر القسم الأكبر منهم من مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية والموالية تقليدياً لتيار المستقبل برئاسة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري. وهم متهمون بجرائم عدة بينها قتال الجيش والاعتداء عليه والمشاركة في جولات اقتتال دامية داخل المدينة والتخطيط لتفجيرات.
كما تطالب به عائلات الآلاف من الموقوفين والمطلوبين من منطقتي بعلبك والهرمل (شرق) حيث يتمتع حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري بنفوذ كبير. وغالبيتهم متهمون بجرائم مخدرات وسرقة سيارات وزراعة الحشيشة.
ومن بين البنود أيضاً اقتراح قانون برفع الحصانة عن النواب والوزراء، ما قد يمهد مستقبلاً لملاحقتهم بتهم الفساد.
– تظاهرة سيارات –
ورغم إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، عاد مئات المتظاهرين اللبنانيين الثلاثاء إلى شوارع بيروت شبه الخالية جراء تدابير مكافحة فيروس كورونا المستجد، إلا أنهم لازموا سيارتهم احتراماً للتباعد الاجتماعي.
وتوجهت عشرات السيارت من نقاط عدة في اتجاه قصر الاونيسكو ورفعت غالبيتها الأعلام اللبنانية تأكيداً لاستمرار حراكهم واحتجاجاً على غياب الأوضاع المعيشية الملحة عن جدول أعمال البرلمان.
وتكررت المسيرات السيّارة في مناطق أخرى أبرزها طرابلس شمالاً وصيداً جنوباً.
في وسط بيروت وقبل انطلاق مسيرة السيارات، قالت المتظاهرة لينا العدوي (54 عاماً) لفرانس برس “قررت النزول إلى الشارع لأن الدولة لم تقم بشيء حتى الآن، ولم نرّ أي إصلاحات”.
وأضافت أن “فيروس كورنا فاقم الحالة الاقتصادية والمعيشية، من بطالة وارتفاع في سعر صرف الدولار ومن فقر وجوع”، مشددة على أن الناس “سيحتشدون” في الشارع فور انتهاء أزمة الوباء.
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً وأزمة سيولة حادة تفاقمت بعد بدء احتجاجات غير مسبوقة في 17 تشرين الأول/أكتوبر ضد الطبقة السياسية. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الماضية.
وفي مؤشر جديد الى أزمة السيولة وشح الدولار، طلب مصرف لبنان المركزي الثلاثاء من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر الصرف في السوق الموازية.
وحدّدت جمعية المصارف في وقت سابق سعر الصرف لديها بـ 2600 ليرة، فيما تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الثلاثاء 3200 ليرة. ولا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار.
ومنذ أيلول/سبتمبر، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال بشكل عام خصوصاً بالدولار. كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج لتتحول إلى ساحة إشكالات دائمة بين الزبائن والموظفين.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية الثلاثاء أن مواطناً حاول إحراق نفسه بمادة البنزين داخل فرع أحد المصارف في بلدة بدنايل (شرق)، بعدما رفض البنك تسديد أمواله. وتدخل الموظفون والقوى الأمنية لمنعه. وإثر الحادثة، عمد أشخاص آخرون إلى تحطيم واجهة المصرف.
ويرزح لبنان اليوم تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتعدّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.
وأعلن لبنان الشهر الماضي توقّفه عن تسديد كافة مستحقات سندات اليوروبوند بالعملات الأجنبية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين من شأنها حماية “الإحتياطي المحدود من العملات الأجنبية”.
وتعمل الحكومة حالياً على وضع خطة اقتصادية “إنقاذية” تثير انتقادات كثيرة حتى قبل إقرارها. وتقدّر حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.