صحيفة فرنسية: إدارة المغرب لأزمة كورونا محل إعجاب داخليا وخارجيا
أزمة كوفيد-19 فتحت أعين العالم على اختلاف طرق الإدارة في أوقات الأزمات، وأظهرت عجز كثير من الحكومات أمام فيروس كورونا وتداعياته التي لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن أداء المغرب قد أثار الإعجاب داخليا وخارجيا، إلى حد اعتباره نموذجا يحتذى.
بهذا الملخص، افتتحت صحيفة فرانس سوار الفرنسية مقالا بقلم شادي رنجة بنعمور، قال فيه إن المغرب لم يثر إعجاب المجتمع الدولي فحسب، بل أثار إعجاب المغاربة أنفسهم، وذلك باستغلاله التجارب الأجنبية وعامل الوقت من جهة، وتحديث ورقمنة المؤسسات المغربية التي تتواصل بهدوء، من جهة أخرى.
استغلال عامل الوقت
وقال الكاتب إن المغرب لاحظ خطر كوفيد-19 واستغل عامل الوقت من خلال مراقبة انتشاره في إيطاليا والتحكم في الرحلات الجوية القادمة من هناك ومن الدول الأكثر تأثرا، وعندما غزا الوباء أوروبا قرر إغلاق حدوده وإدارة الوباء داخليا.
وكان العامل الاجتماعي مهما -حسب الكاتب- إذ يجري توصيل الرسالة إلى المواطنين عبر شبكة الحكومة من رؤساء الأحياء، ليفهم الناس قواعد الحجر الصحي ويتسلموا تصاريح الخروج، مدركين جدية الأمور.
وبهذه الإجراءات فهم المغاربة وحدة مصيرهم، وأن وكيل السلطة أيضا مواطن مثلهم، خاصة أنها ترافقت مع إعانات لعمال القطاع غير المصنف، ومساعدات لأكثر الفئات حرمانا، وعناية من قبل الجمعيات بالعائلات التي تواجه صعوبات، مما كشف عن الجانب الإنساني والمتحد من المغرب.
ومن أجل تمويل التدابير وتجهيز مستشفيات جديدة، أعلن الملك محمد السادس إنشاء صندوق لجمع مليار يورو، وقد جمع في غضون أيام قليلة، ثلاثة مليارات يورو، ساهمت فيها المؤسسات العامة والشركات الكبرى وكبار موظفي الخدمة المدنية والشخصيات العامة والمواطنين، كما أطلق العديد من المبادرات الخاصة كشراء معدات للمستشفيات.
وقال الكاتب إن المغرب اختار الشفافية وعرض الأحوال كما هي، بعيدا عن إعطاء الآمال الزائفة للمواطنين، وذلك وسط تغطية إعلامية موحدة، تصدر المعلومات إليها حصريا من وزراء الصحة والاقتصاد والمالية والصناعة.
وكان كبار المسؤولين يعدون تقارير عن الواقع ميدانيا لتحول مباشرة إلى القصر الملكي والحكومة، حتى تكون لدى أصحاب القرار على الفور صورة حقيقية عن الوضع، كما أفاد الكاتب.
واستفاد المغرب من الوقت، حيث حل مشكلة المعدات، فتضاعف عدد أسرة الإنعاش في وقت قياسي بتمويل من صندوق كوفيد-19، كما مكّن الإنتاج الوطني للأقنعة والملابس الواقية والأجهزة من اكتفاء البلد ذاتيا، مما جنبه الدخول في التنافس العالمي الشديد للحصول على هذه المنتجات الغالية والنادرة.
عامل المبادرة والتخطيط
بالإضافة إلى ذلك، أنشئت وحدات طبية في غضون أيام قليلة، مثل المستشفى العسكري في بنسليمان ومستشفى آخر به 700 سرير في معرض الدار البيضاء، وقد خصصت صناعة النسيج لحاجة اللحظة من الأقنعة وملابس العمل ومنعت أي إنتاج آخر، كما كانت الشراكة بين القطاعين العام والخاص على أشدها، كما يقول الكاتب.
وفي أوج النقص العالمي للأقنعة، كانت شركات النسيج المغربية المدعومة من وزارة الصناعة قادرة على تصنيع خمسة ملايين قناع في اليوم، تفي بالمعايير الدولية، كما قام آخرون بتصميم أجهزة تنفس، مما سمح بأسعار منخفضة أقل من 200 يورو لكل جهاز.
وتتمثل قوة المغرب -حسب الكاتب- في أنه حافظ على الصناعة لسوقه الداخلية الأصغر حجما وسوقه الأفريقية الأكبر حجما والأقل ربحا، وهو ما لم تستطعه فرنسا، كما أنه لم يعد “معتمدا على أوروبا”، خاصة أن اتفاقياته مع الولايات المتحدة وروسيا والصين والشرق الأوسط تمكنه من اللجوء إذا لزم الأمر لشركاء متنوعين.وخلص الكاتب إلى أن المغرب يستعد الآن لما بعد وباء كورونا، واعيا بالتغيرات المهمة التي تحدث في العالم، والتي ستؤثر حتما في العلاقات الدولية والإقليمية.