تونس.. احتجاجات تطاوين تتواصل والحكومة تتفهم مشروعية الحراك
تشهد محافظة تطاوين التونسية احتجاجات ومناوشات بين محتجين وقوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة واعتقلت عددا منهم، في وقت أعلنت الحكومة تفهمها لمشروعية هذه التحركات.
ويتهم المحتجون الحكومة بالتنصل من اتفاقات سابقة تنص على تشغيل عدد من أبناء المنطقة وإنشاء مشاريع تنموية فيها.
وقد تدرجت مطالبهم من المطالبة بوظائف كانت الحكومة وعدت عام 2017 بتوفيرها، إلى المطالبة بإطلاقِ سراح عدد من الموقوفين بعد مناوشات مع قوات الأمن، وفق شهادات الأهالي.
ويوم أمس الثلاثاء تجمع المحتجون بهدوء أمام محكمة المدينة وقد انتشرت أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، مطالبين بالإفراج عن الناشط طارق حداد.
تهم ومطالب
وقال عبد العزيز العايب، محامي حداد، إنّ موكله ملاحق بعدد من التهم، بينها “الإساءة إلى موظف عمومي والمشاركة بتجمع يمس السلام العام”.
وأضاف المحامي لوكالة الصحافة الفرنسية أن موكله يجب أن يمثل أمام القضاء في الثاني من يوليو/تموز المقبل، لافتا إلى أنه تقدّم بطلب للإفراج عنه.
وتعيش محافظة تطاوين منذ أيام حالة من الاحتقان على خلفية اعتصام نفذه عدد من شباب المنطقة.
وقبل أيام أوقف الأمن الحدادَ خلال فض اعتصام لحراك الكامور تخلله إحراق الإطارات المطاطية وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
وكان هؤلاء منعوا قبل ذلك بأيام قليلة مرور شاحنات وسيارات شركات البترول إلى الصحراء من أجل الضغط على الحكومة لتنفيذ كامل بنود اتفاق الكامور.
وقال ضو الغول منسق اعتصام الكامور للجزيرة إنهم كانوا ينتظرون مجلسا وزاريا للنظر في مشاكل الناس ووضع مدينة تطاوين المحرومة منذ سنوات، وتابع: مطالبنا كانت التشغيل والتنمية، والآن صار مطلبنا الرئيسي إطلاق سراح الموقوفين.
احتقان واتهامات
من جانبها تؤكد المؤسسة الأمنية عدم رغبتها في مزيد من الاحتقان، لكنها تشدد على ضرورة الالتزام بسلمية التحركات.
يأتي ذلك في حين تقول السلطات المحلية بولاية تطاوين إنّها نفذت أغلب مطالب المعتصمين، وإنها بصدد استكمال ما تبقى منها بالتنسيق مع السلطات المركزية، لتذليل العقبات البيروقراطية.
في المقابل يؤكد المحتجون تنصل السلطات ومماطلتها في برمجة موازنة خاصة لإنشاء مشاريع تنموية في الولاية الحدودية التي تزخرُ صحراؤُها بالنفطِ والغاز.
وهذه الثروات -يقول الأهالي- تنعش موازنة الدولة، لكنها لم تغير واقع المحافظة التي تسجل أعلى نسب البطالة في البلاد، في مفارقة تكرست بعد الاستقلال، ولم تتغير بعد الثورة.
وفي يونيو/حزيران 2017، أبرمت الحكومة وممثلون عن محتجين، بمنطقة الكامور في تطاوين، اتفاقا لفض اعتصام دام أكثر من شهرين، آنذاك، مقابل الاستجابة لمطالب الاحتجاجات المتعلقة بتوفير فرص عمل وتنمية المحافظة.
ويطالب المحتجون باستكمال تشغيل ألف و500 شخص بشركات البترول، وتوظيف 500 آخرين بشركة البيئة والبستنة (متخصصة بتشجير مداخل المدن) وتخصيص مبلغ 80 مليون دينار (نحو 32 مليون دولار) سنويا في صندوق التنمية داخل الولاية.
وتزخر ولاية تطاوين بمخزون كبير من البترول والغاز، وتنتشر شركات الطاقة الوطنية والأجنبية في الصحراء القريبة منها.
ووفق أرقام رسمية، تساهم حقول تطاوين بنسبة 40% من إنتاج البلاد من النفط، و20% من إنتاج الغاز.
عرض ودعوة
وفي يناير/كانون الثاني، استقبل الرئيس قيس سعيد نشطاء من تطاوين التي تبلغ نسبة البطالة فيها 30% أي ضعف المعدل الوطني.
واعتبر الرئيس الثلاثاء أن “النهج الأمني ليس حلا. هذا يمكن أن يؤدي إلى احتجاجات أخرى ونقاط ساخنة”.
وخلال زيارة له إلى باريس، أوقف متظاهرون تونسيون موكب سعيد هاتفين “تطاوين لا تستسلمي”. وقد عرض عليهم الرئيس استقبال ممثلين عن المتظاهرين بالقصر الرئاسي لدى عودته، بحسب ما قال أحد الشهود.
ودعا سعيد في مقابلة مع قناة “فرانس 24” العاطلين عن العمل في تطاوين إلى “تقديم مشاريع تنموية” للدولة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الوزراء الجمعة جلسة خاصة بشأن الوضع في تطاوين، بحسب الحكومة.