الأزمة السياسية بتونس تتعقد.. الفخفاخ يلمح لإقصاء النهضة والرئيس يرفض دعوتها للتشاور حول حكومة جديدة
تفاقمت الأزمة السياسية في تونس مع تلميح رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لاستبعاد وزراء حركة النهضة من الحكومة، بعد رفضه ورئيس الدولة دعوة الحركة إلى تغيير الحكومة بسبب شبهات فساد مالي حول رئيسها.
وأعلن الفخفاخ الاثنين في بيان أنه يعتزم إجراء تعديل على تركيبة حكومته خلال الأيام المقبلة ليتناسب والمصلحة العليا للبلاد، حسب تعبيره.
واتهم حركة النهضة، وهي أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم ولها ٦ وزراء و54 مقعدا في البرلمان من جملة 217 مقعدا، بالتحضير لمشهد وصفه بالمأزوم، وخدمة مصالحها الحزبية، والإخلال بمبدأ التضامن الحكومي.
واعتبر دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة تهربا من قبل الحركة من التزاماتها وتعهداتها مع شركائها في الائتلاف في خضم ما وصفها بمساع وطنية لإنقاذ الدولة واقتصاد البلاد المنهك، كما وصف موقفها بأنه “انتهاك صارخ واستخفاف بالاستقرار”.
ويأتي بيان رئيس الحكومة ردا على موقف مجلس شورى حركة النهضة الذي تبنى قرارا يقضي بتكليف رئيس الحركة راشد الغنوشي بإجراء مشاورات مع رئيس الدولة قيس سعيّد والقوى السياسية والمنظمات الاجتماعية، من أجل تشكيل حكومة جديدة بسبب شبهات تضارب المصالح التي أثيرت قبل أسابيع حول الفخفاخ بشأن امتلاكه أسهما في شركات تتعامل مع الدولة تجاريا، وأبرمت معها صفقات بملايين الدولارات، وهو ما يمنعه القانون.
وقبل ساعات من بيان الفخفاخ، رد الرئيس سعيّد بدوره على دعوة حركة النهضة برفضه إجراء أي مشاورات لتغيير الحكومة، واعتبر أن هذه الخطوة لا تتلاءم مع نص الدستور.
وأشار إلى أن الدخول في مشاورات لا يأتي إلا بعد خطوات دستورية محددة مثل تقديم رئيس الحكومة استقالته أو توجيه لائحة لوم ضده في البرلمان.
ويترأس الفخفاخ منذ 27 فبراير/شباط الماضي، ائتلافا حكوميا هشا يضم ٤ أحزاب رئيسية وكتلة برلمانية، هي “النهضة” (إسلامية، 54 نائبا من 217)، التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي، 22)، حركة الشعب (ناصري، 14)، حركة تحيا تونس (ليبرالي، 14)، كتلة الإصلاح الوطني (مستقلون وأحزاب ليبرالية، 16).
قرار النهضة
وكان رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني قد قال الاثنين إن المجلس أقر بأنه لا يمكن الاستمرار مع حكومة تلاحق رئيسها شبهة تضارب مصالح.
وأضاف الهاروني أن قرار مجلس الشورى، وهو السلطة العليا داخل الحزب، جاء عقب لقاء جمع رئيس الحركة راشد الغنوشي بالرئيس قيس سعيد، ووصف اللقاء بالإيجابي، مشيرا إلى أن الغاية منه التشاور للخروج من الأزمة.
وتابع أن الحديث عن انتخابات مبكرة سابق لأوانه، وكان الهاروني أشار في وقت سابق إلى أنه تم عرض تقرير على اجتماع مجلس الشورى يكشف أن وضعية رئيس الحكومة لا تساعد على الخروج من الأوضاع الصعبة الراهنة.
وكانت حركة النهضة قبلت على مضض باختيار رئيس الدولة للفخفاخ لقيادة التشكيل الحكومي الحالي، علما أن رئيس الحكومة لا يملك سندا حزبيا، حيث لم يحصل حزبه في الانتخابات التشريعية الماضية على أي من مقاعد البرلمان.
وفي الأزمة السياسية الحالية، بدا أن عددا من أحزاب الائتلاف الحاكم، وبسبب خلافاتها مع حركة النهضة، اصطفت إلى جانب الفخفاخ.
وفي هذا الإطار، قال وزير الحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو الاثنين في تصريحات للتلفزيون التونسي إن حزبه التيار الديمقراطي المشارك في الائتلاف يدفع نحو خروج حركة النهضة من الحكومة.
يأتي ذلك في حين قالت ٤ كتل برلمانية إنها جمعت التوقيعات اللازمة لبدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) بحجة سوء تسييره البرلمان.
إحالة الملف
في الأثناء، أعلنت هيئة مكافحة الفساد في تونس إحالة الوثائق المتعلقة بالتصريح بالمصالح والمكاسب لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ إلى النيابة العامة في المؤسسة القضائية المختصة بقضايا الفساد المالي، المعروفة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي.
وأكدت الهيئة في بيان لها الاثنين إحالة وثائق ومعطيات إلى رئاسة البرلمان بشأن صفقة عمومية أحد أطرافها شركة يملك رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أسهما فيها.
وكانت قد تشكلت في وقت سابق لجنة برلمانية بمبادرة من كتلتي قلب تونس وائتلاف الكرامة المعارضتين للتحقيق في شبهات حول تضارب المصالح.
من جانبه، نفى الفخفاخ هذه التهم، مؤكدا أنه تخلى بشكل طوعي عن أسهمه بهذه الشركات، وأن الصفقات التي أبرمتها كانت سابقة لتوليه مهامه على رأس الحكومة التونسية.