بعد تلويحه بإقصائها.. حركة النهضة تسحب ثقتها من رئيس الحكومة التونسية
قرر مجلس شورى حركة النهضة، أكبر مكونات الائتلاف الحاكم في تونس، سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وهو ما قد يؤدي إلى إسقاطها في البرلمان، ويأتي هذا التطور وسط أزمة سياسية متفاقمة بسبب شبهات تضارب مصالح تحيط بالفخفاخ، وخلافات تعصف بالائتلاف.
فقد صوت أعضاء مجلس الشورى الليلة بأغلبية الأصوات على سحب الثقة من الفخفاخ، ويأتي القرار بعد تصاعد الخلاف بين الحركة ورئيس الحكومة عقب إعلانه نيته إجراء تعديل وزاري، واعتباره دعوةَ النهضة إلى بدء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة بدلا عن الحكومة الحالية تهربا من التزاماتها.
وقال بيان للمجلس إنه تبنى خيار سحب الثقة من الفخفاخ، وكلف رئيس الحركة راشد الغنوشي بمتابعة تنفيذ هذا الخيار بالتشاور مع مختلف الأحزاب والكتل والنواب في البرلمان.
ونقلت إذاعة موزاييك الخاصة عن عضو بمجلس الشورى قوله إن النصاب القانوني لسحب الثقة من الحكومة في البرلمان (109 أصوات) متوفر.
ويأتي هذا التطور في خضم أزمة سياسية متفاقمة تتجلى في الخلافات بين مكونات الائتلاف الحاكم، والتي اشتدت بعد الكشف عن شبهات تضارب مصالح تحوم حول رئيس الحكومة، حيث تم الكشف عن عقد شركات يملك أسهما فيها صفقات مع الدولة، كما أنه يأتي بعد يوم من تلويح الفخفاخ باستبعاد وزراء النهضة من الحكومة وتعويضهم بآخرين.
وكانت حركة النهضة أكدت مرارا في الأيام الماضية أن الفخفاخ، الذي تولى رئاسة الحكومة في 27 فبراير/شباط الماضي باقتراح من الرئيس قيس سعيّد رغم أن حزبه ليس ممثلا في البرلمان، بات في وضع لا يمكنه من الاستمرار في منصبه.
ويضم الائتلاف الحكومي الحالي كلا من حركة النهضة، والتيار الديمقراطي، وحركة الشعب، وحركة تحيا تونس، وكتلة الإصلاح الوطني، ومجموعة من الشخصيات المستقلة. وتتكون حكومة الفخفاخ من 30 وزيرا وكاتب دولة، بينهم 7 وزراء من حركة النهضة، و16 وزيرا من سائر الأحزاب السياسية، و14 وزيرا من المستقلين.
وأضاف العيادي في مقابلة مع وكالة الأناضول أن شبهة الفساد المرتبطة بالفخفاخ تستدعي منه تقديم الاستقالة واتخاذ قرار شجاع ينقذ المشهد السياسي والتجربة التونسية من الانقسام والتشرذم، لوضع البلاد على مسار آمن.
وشدد على أن حركته لم تمارس الضغط أو الابتزاز على رئيس الحكومة، “بل تعاملنا جديا وحاولنا تجاوز كل عقبات التواصل والخطاب السياسي، لكنّه كان دائما في خطابه يتهم النهضة ويسيء لها”.
من جهته، نشر القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري مقطعا مصورا في صفحته الرسمية بموقع فيسبوك دعا فيه جميع التونسيين إلى بذل أقصى الجهد من أجل حماية مؤسسات تونس، والتصدي لما قال إنه “انقلاب برمج له حلف الشر المصري الإماراتي من أجل تدمير هذه الدولة”.
ويأتي هذا التصريح في وقت أعلنت فيه رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي أن أعضاء كتلتها البرلمانية وعددهم 16 نائبا سمنعون رئيس البرلمان راشد الغنوشي من ترؤس الجلسات.
وتسعى عدة كتل برلمانية إلى جمع العدد الكافي من الأصوات لسحب الثقة من الغنوشي، ويتعين على هذه الكتل جمع 109 أصوات، علما أن البرلمان يضم 217 نائبا.
موقف الفخفاخ
وفي مقابل تبني حركة النهضة خيار سحب الثقة من رئيس الحكومة، قال الأخير إن البلاد لم تعد تحتمل مزيدا من الإرباك والمناورات السياسية، وإن الوضع الدقيق يقتضي من الجميع تغليب المصلحة العليا للوطن، للتمكن من إنقاذ الدولة.
ودعا الفخفاخ، خلال اللقاء، إلى توفير المناخات الملائمة للشروع في إنجاز الاستحقاقات الاجتماعية وتلبية الانتظارات العاجلة للجهات والفئات، بعيدا عن التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية.
والاثنين، قال رئيس الحكومة، في بيان، إنه سيجري تعديلا وزاريا خلال الأيام القليلة المقبلة، مع تلميحات بإزاحة حركة النهضة من الحكومة.
واتهم حركة النهضة بالتحضير لمشهد وصفه بالمأزوم، وخدمة مصالحها الحزبية، والإخلال بمبدأ التضامن الحكومي.
واعتبر دعوة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة تهربا من قبل الحركة من التزاماتها وتعهداتها مع شركائها بالائتلاف في خضم ما وصفها بمساع وطنية لإنقاذ الدولة واقتصاد البلاد المنهك، كما وصف موقفها بأنه “انتهاك صارخ واستخفاف بالاستقرار”.
الرئيس يعارض
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد رفض أي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، إلا في حال استقالة الفخفاخ أو توجيه لائحة اتهام ضده.
ويأتي موقف سعيد ردا على قرار سابق لمجلس شورى حركة النهضة بشأن إطلاق مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، على خلفية شبهات تضارب مصالح تلاحق الفخفاخ.