بين دعم النهضة وفيتو الرئيس.. هل تجتاز حكومة المشيشي امتحان البرلمان التونسي؟
يعقد البرلمان التونسي اليوم الثلاثاء جلسة عامة للتصويت على منح الثقة للحكومة، وبينما كبرى الكتل حسمت موقفها بالذهاب رسميا نحو دعمها، كشفت كواليس -من لقاء مفاجئ جمع رئيس الجمهورية ببعض القيادات الحزبية- عن رغبته في إسقاطها.
وحسمت “النهضة” (54 نائبا) موقفها بمنح الثقة لحكومة هشام المشيشي بالبرلمان، وأوضح القيادي محمد القوماني للجزيرة نت أن قرار شورى الحركة -الذي اتخذ بالأغلبية، رغم تحفظ الحزب على مسار تشكيل الحكومة وإقصاء الأحزاب منها- جاء تقديرا منها للمصلحة الوطنية وسعيا لإخراج البلاد من وضعية حكومة تصريف الأعمال.
وأضاف القيادي بالنهضة أن قرار الحركة اتخذ أيضا بالتشاور مع حلفائها في البرلمان على ضوء قراءة لموازين القوى، مرجحا أن تنال الحكومة ثقة غالبية الكتل البرلمانية.
وأكد حزب “قلب تونس” (27 نائبا) في بيان رسمي توجهه لمنح الثقة لحكومة المشيشي، رغم تحفظه على ما وصفها بـ “إخلالات دستورية” لرئيس الجمهورية قيس سعيد في مسار تشكيل الحكومة وإقصاء الأحزاب منها.
وقال رئيس كتلة “الإصلاح الوطني” حسونة الناصفي في تصريح إعلامي إنهم (16 نائبا) سيمنحون بدورهم الثقة للحكومة المقترحة، كما أعلن حاتم المليكي رئيس “الكتلة الوطنية” (11 نائبا) توجههم لدعم الحكومة الجديدة.
وتحتاج حكومة المشيشي 109 أصوات من مجموع 217 لضمان مرورها في البرلمان، وهو بات حسابيا متوفرا على ضوء المواقف التي أعلنتها كتل حزبية ومستقلون.
وطرح اللقاء المفاجئ -الذي عقده سعيد مساء أمس بالقصر الرئاسي مع قيادات حزبية بينها النهضة- أكثر من سؤال حول دوافعه، وهو الذي رفض قبل أسابيع مقابلتها أو التشاور معها بشأن طبيعة الحكومة.
ويواجه سعيد -منذ أن كلف وزير الداخلية (المشيشي) تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تقطع مع مشاركة الأحزاب- انتقادات واسعة من قياداتها التي رأت في تجاهل رئيس الجمهورية لها انحرافا عن روح الدستور والنظام السياسي القائم.
ويرى مراقبون أن الصراع الذي بدأ يظهر بين سعيد والمشيشي -بسبب خلافات حول تسمية بعض الوزراء- ساهم في دفع الرئيس نحو تغيير موقفه من المشيشي ، والاستنجاد بالأحزاب لإسقاطه في البرلمان، وهو ما أكدته تسريبات اللقاء الذي جمعه في القصر بقيادات كل من النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس.
ويعطي الدستور رئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان، والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة في حال فشلت حكومة المشيشي في نيل الثقة، كما يملك خيارات أخرى في تأويل فصوله.
طرح سعيد
وكشفت مصادر خاصة للجزيرة نت عن عرض قدمه سعيد للأحزاب ودفعها نحو إسقاط حكومة المشيشي مقابل ضمانات وتطمينات تتضمن عدم حل البرلمان وتعويض رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي إلياس الفخفاخ الذي تطارده تهم بالفساد وتضارب المصالح بوزير المالية الحالي نزار يعيش، فضلا عن وعود بإعادة وزراء النهضة الذين أقالهم الفخفاخ.
وفي هذا الصدد، تحدث القيادي في حزب “تحيا تونس” مصطفى بن أحمد للجزيرة نت عن طرح قدمه سعيد للأحزاب في حال عدم منح الثقة لحكومة المشيشي، يتضمن وعدا بعدم حل البرلمان واستمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية مع تغيير رئيسها بالتوافق مع الأحزاب.
ولفت بالمقابل إلى أن الرئيس حذر من طرح ثان، في حال تمرير الحكومة ونيلها الثقة في البرلمان، من استدراجها والدفع نحو إحداث تغييرات في تركيبتها، وهو أمر مرفوض بالنسبة له.
وقال بن أحمد إن دعوة سعيد لحزبهم ولباقي الأحزاب للتشاور، قبل ساعات من جلسة منح الثقة، يطرح أكثر من سؤال، ولم يستبعد وجود خلافات بين سعيد ورئيس الحكومة المكلف بشأن التركيبة الحكومية.
وأكد أن كتلته في البرلمان (10 مقاعد) ستمنح الثقة لحكومة المشيشي تغليبا لمصلحة البلاد وتجنب الدخول في حالة الفراغ الحكومي، مشيرا إلى أن حزبه “سيتعامل مع الممكن وليس مع الأفضل” داعيا جميع الأحزاب لتحمل مسؤوليتهم أمام الشعب.
التصويت من عدمه
وكشف رئيس “قلب تونس” نبيل القروي، في تصريح إعلامي محلي، عن طلب تقدم به رئيس الجمهورية لحزبه وحركة النهضة لإسقاط حكومة المشيشي، مع مواصلة حكومة تصريف الأعمال لمهامها.
وعبرت “الكتلة الوطنية” في بيان رسمي عن استغرابها لما نسب لسعيد حول مبادرته تعطيل مسار تشكيل الحكومة، ودعوته الأحزاب عدم التصويت لها، مطالبة رئيس الجمهورية توضيح سياق اللقاء الذي جمعه ببعض الأحزاب.
واتخذت كل من حركة الشعب والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة، في بيانات رسمية، قرارها بعدم التصويت على حكومة المشيشي، ورفضها للمسار الذي رافق تشكيل الحكومة واستبعاد الأحزاب منها.