بعد تمرير حكومة تونس الجديدة.. المشيشي يرفض اتهامه بـ “خيانة” الرئيس والغنوشي يؤكد على سلطة البرلمان
تعهد رئيس الحكومة التونسية الجديد هشام المشيشي -عقب المصادقة على حكومته- بالتعاون مع القوى السياسية والبرلمان، ورد على اتهامات له بـ “خيانة” الرئيس قيس سعيّد، في وقت أكد رئيس البرلمان راشد الغنوشي على مركزية دور المؤسسة التشريعية.
وبعد جلسة مطولة استغرقت نحو 17 ساعة، صوت مجلس النواب الشعب، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، على منح الثقة لحكومة المشيشي (46 عاما) بأغلبية 134 صوتا مقابل 67 صوتوا ضدها، في حين لم يمتنع أي نائب عن التصويت. علما بأن البرلمان يضم 217 نائبا.
ويأتي التصويت على الحكومة الجديدة، التي توصف بأنها حكومة مستقلين، بعد نحو 6 أسابيع من استقالة رئيس الحكومة المتخلي إلياس الفخفاخ عقب إثارة شبهات تضارب مصالح ضده، كما يأتي وسط أزمة سياسية في ظل علاقة يشوبها التوتر بين رئيس الدولة وعدد من القوى السياسية.
وصوتت لصالح حكومة المشيشي عدة أحزاب في مقدمتها حركة النهضة (54 نائبا) وقلب تونس (27 نائبا)، في حين صوت ضدها التيار الديمقراطي (22 نائبا) وائتلاف الكرامة (19 نائبا) وحركة الشعب (14 نائبا).
وحظيت الحكومة الجديدة بالثقة رغم التحفظات الشديدة التي أبدتها حركة النهضة، وأحزاب أخرى، على طبيعة الحكومة وتركيبتها، حيث كانت هذه الأحزاب تطالب بحكومة سياسية.
وكان يمكن للرئيس قيس سعيّد أن يحل البرلمان ويدعو لانتخابات مبكرة لو لم تحصل الحكومة على ثقة النواب، وفي وقت سابق كلف المشيشي بتشكيل الحكومة متجاهلا كل الأسماء التي اقترحتها الأحزاب.
المشيشي يرد
ومباشرة عقب التصويت بمنح الثقة لحكومته، رفض المشيشي في تصريحات للصحفيين اتهام بعض النواب له بـ “خيانة” الرئيس سعيّد الذي كلفه بتشكيل الحكومة، وقال إن هذه الاتهامات “لا معنى لها” كما رفض اتهامات أخرى بأن حكومته تضم وزراء تحوم حولهم شبهات فساد.
ورغم أن الرئيس سعيد هو من اقترح المشيشي، فإن هناك سياسيين قالوا إنه تخلى عن دعمه له بسبب خلافات طرأت بينهما آخر مراحل تشكيل الحكومة.
وكان سعيد التقى -قبل يوم من التصويت على الحكومة- قياديين في أحزاب النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، وأكد هؤلاء أن الرئيس طلب من هذه الأحزاب أن تسقط حكومة المشيشي مقابل وعود من بينها عدم حل البرلمان، واستعاد الائتلاف الحكومي السابق مع تغيير الفخفاخ بشخصية أخرى.
وفي تصريحاته عقب التصويت، وعد المشيشي بالعمل مع مختلف القوى السياسية، وبالتفاعل إيجابا مع البرلمان لضمان تنفيذ الأولويات الاقتصادية والاجتماعية التي كان قد عرضها بداية جلسة أمس، معتبرا أنه يمكن تحقيق تقدم في معالجة المشاكل الاقتصادية عندما لا تكون الحكومة عالقة في أي تجاذب سياسي.
وكان المشيشي جدد -في مستهل جلسة التصويت- تأكيد التزامه بالتعاون مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية في مختلف المجالات.
وقال إن غياب الاستقرار السياسي -خلال السنوات العشر الماضية- حال دون تحقيق الأهداف المنشودة في التنمية.
وأضاف أن غياب الاستقرار أفقد الكثير من التونسيين الأمل في تحسين ظروفهم المعيشية، مؤكدا أن حكومته تضم كفاءات غير متحزبة.
من جهته، قال رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عقب التصويت إن البرلمان “أظهر أنه قلب السلطة في هذا البلد” في إشارة إلى أن المؤسسة التشريعية هي السلطة الأصلية في النظام شبه البرلماني القائم في البلاد.
وأضاف الغنوشي -في تصريحات للصحفيين- أن البرلمان قادر على أن يعطي الثقة للحكومة مثلما أنه قادر على أن يسحبها منها، مؤكدا أنه واثق من نجاح الحكومة الجديدة.
ويعتبر العديد من السياسيين أن الرئيس سعيّد يسعى إلى فرض نظام جديد غير واضح المعالم حتى الآن، وذلك عبر “ترذيل” الأحزاب السياسية وتحميلها مسؤولية الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الثورة.
يُذكر أن حكومة المشيشي ثالث حكومة تعرض على البرلمان منذ انتخابات 2019، في مؤشر إلى عدم الاستقرار الذي يسود البلاد في ظل الانقسامات العميقة داخل البرلمان المنتخب.
والحكومة التي نالت ثقة النواب اليوم وصفتها وسائل إعلام محلية بأنها “حكومة الرئيس” وهي مؤلفة من قضاة وأساتذة جامعيين وموظفين حكوميين ومن القطاع الخاص، غالبيتهم غير معروفين لدى الرأي العام، مع تعيين مسؤول سابق في حملة الرئيس وزيرا للداخلية.
وتتألف التشكيلة الجديدة بمجملها من 25 وزيرا و3 في منصب كاتب دولة، وبينهم 8 نساء.