كارثة تفوق قدرة الحكومة.. حملات التطوع الشعبية بالسودان تغطي على القصور الحكومي في مواجهة الفيضانات
يكابد المتطوعون في التصدي للفيضانات بالسودان في ظل كثافة بلاغات الكوارث وضيق ذات اليد؛ لكن أكثر ما يفت في عضدهم حالة التراخي التي يحسونها في الشارع رغم إعلان الحكومة لحالة الطوارئ.
وكان لافتا اعتراف أكثر من مسؤول بأن الحكومة المرهقة اقتصاديا يصعب عليها التصدي لآثار فيضانات نهر النيل وروافده، التي تعد الأضخم خلال 100 عام.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لدى تفقده يوم الاثنين خسائر الفيضانات بمدينة سنجة (نحو 360 كيلومتر جنوب شرق الخرطوم)، إن الفيضانات التي تضرب البلاد تفوق قدرة الحكومة.
وعندما تفقد والي ولاية الجزيرة ووالي الخرطوم ووالي سنار متضررين من فيضانات النيل في ولاياتهم، لم يجدوا سوى الاستسلام للواقع والإقرار بعجزهم عن تقديم أي مساعدات.
وأعلن مجلس الأمن والدفاع في السودان البلاد منطقة كوارث طبيعية، كما أعلن حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر بعد مقتل 100 شخص، وانهيار 100 ألف منزل، وتشريد مئات الألاف من الأسر جراء الفيضانات والسيول.
تحدي الولاة
لكن جمال حسين القيادي في التجمع الاتحادي وقوى الحرية والتغيير يحمّل مسؤولية التقصير الحكومي للتأخر في استكمال هياكل السلطة الانتقالية، خاصة في ما يتعلق بتعيين ولاة الولايات.
ويشير حسين في حديث مع الجزيرة نت إلى أن الفيضانات بدأت بعد أداء الولاة المدنيين للقسم بيومين، وبالتالي تسقط مسؤوليتهم عن عدم التحضير الجيد للفيضانات والخريف الذي توقعته هيئة الأرصاد الجوية منذ أكثر من شهرين.
ويقول إن من ضمن المعيقات التي تواجه الولاة الجدد هي المحليات (المحافظات) والمجالس والهيئات الولائية، التي ما زالت تعج بأنصار النظام السابق حسب تعبيره.
ويضيف أن الولاة العسكريين السابقين كانوا مكلّفين بتسيير دولاب العمل دون التخطيط والاستعداد لكوارث الخريف.
ولاية مهددة
وفي ولاية الخرطوم أكثر ولايات البلاد تهديدا بالفيضانات بسبب مشاطأتها لثلاثة أنهار، يقول الوالي أيمن خالد إن غرف الطوارئ بالولاية دفعت بآليات لتساعد في شفط المياه وتعزيز التروس الواقية من الفيضان بجزيرة توتي ومنطقة ود عجيب (جنوبي الخرطوم).
ويؤكد نشر فرق مراقبة على طول الشواطئ لمراقبة منسوب النيل ورفع البلاغات لفرق التدخل السريع.
وتعمل كل من محلية الخرطوم ووزارة البنى التحتية وهيئة الصرف الصحي في أعمال شفط المياه المتراكمة خلف التروس؛ لتخفيف المخاطر.
ويشير محمد إسماعيل منسق المكتب الاعلامي في مبادرة “نفير” إلى أن حكومة ولاية الخرطوم منحت مقرا للمبادرة، وتوفر حاليا الوقود للحركة، وتسهل سفر المتطوعين للولايات على عكس المضايقات، التي مارسها النظام السابق بحق “نفير”، والتي شملت إيقاف الأنشطة والاعتقالات.
وبدأت “نفير” أنشطتها الإنسانية في 2013، وكانت السلطات الأمنية إبان حقبة الرئيس المعزول عمر البشير تعارض أنشطتها.
وبحسب المنسق الإعلامي لنفير، فإنهم ينشطون حاليا بخمس ولايات تشمل الخرطوم ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض وسنار، وعدّ أن الأيام 5 الماضية كانت حرجة مما يستدعي تنشيط التبرعات من الأفراد والمنظمات؛ لأن الوضع كارثي.
ويوضح للجزيرة نت أن كادر المتطوعين غير كاف، ويعمل على مدار الساعة، قائلا إن المتطوعين لم يتجاوز عددهم نحو 40 قبل إعلان حالة الطوارئ؛ لكن عددهم أخذ في الازدياد بعد ذلك.
ويؤكد محمد إسماعيل أن “نفير” تتلقى البلاغات عبر أرقام هواتف مخصصة، ومنها تنقل المهام للمكتب الميداني لتحديد الاحتياجات من مخازن المبادرة أو عبر التبرعات حال لم تكن متوفرة.
وينصح بتنسيق أكبر مع الدولة حتى لا تضيع جهود التصدي للفيضانات هباء، وبدعم منظمات المجتمع المدني؛ بغض النظر عن الجهات التي سيذهب إليها الدعم.
لجان المقاومة
وطبقا لجمال حسين القيادي في قوى الحرية والتغيير، فإن لجان المقاومة تقوم بالتصدي للفيضانات على امتداد النيل ابتداء من جزيرة توتي عند مقرن النيلين الأزرق والأبيض وحتى التمانيات (شمال ولاية الخرطوم).
وينوه حسين الذي يقطن جزيرة توتي إلى أن الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية كبيرة؛ لكن اتساع رقعة المناطق المتضررة يجعل هذه الجهود غير مرئية.
لكن حسين يبدي أسفه؛ لأن حالة الطوارئ غير المعلنة تبدو غير ملموسة، حيث كان يفترض مساندة كل المواطنين وكل المؤسسات في القطاع العام والخاص لجهود التصدي لكارثة الفيضانات.
ويتابع قائلا “خلال النظام البائد كان هناك إحجام عن العمل العام؛ لكن بصراحة الآن كنا نتوقع ما يشبه الثورة في التصدي للفيضان”.
ويذكر أن حجم الكارثة كبير، حيث لحقت الأضرار بغالب المدن والقرى الواقعة على ضفاف نهر النيل، كما أن مناطق مثل كردفان ودارفور عانت من سيول وأمطار فوق المعدلات.