كتاب وآراء

آخر تطورات التحرك العسكري الأطلسي

محمد صالح الفتيح*

(1) سياسياً:
بعد تقلب وتردد، حسمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريسا ماي موقفها بالمشاركة في الضربة العسكرية ضد سورية وذلك بعد أن حصلت على مواقفة أعضاء الحكومة، مفضلةً عدم التوجه إلى مجلس العموم على عكس ما قام به سلفها في العامين 2013 و2015. أخر استطلاعات الرأي البريطانية تقول أن 22% من البريطانيين يؤيدون التدخل العسكري البريطاني في سورية، فيما يرفضه 44% وبقي 34% دون حسم موقفهم. للمقارنة كانت نسبة البريطانيين المؤيدين للتدخل العسكري في العام 2013 هي 25%.

فرنسياً، يبدو أن الرئيس الفرنسي مصر على اللجوء إلى الخيار العسكري، وقد انتشرت أمس إشاعة مفادها أن الرئيس الفرنسي قد طرد مستشاريه العسكريين الذين اقترحوا عدم اللجوء للخيار العسكري (تبقى هذه إشاعة ولكنها ليست بعيدة عن الأجواء السائدة في باريس).

بحسب التسريبات، لم يسفر الاجتماع الذي عقد البارحة في البيت الأبيض عن اتفاق حول حجم العمل العسكري الذي تنوي الولايات المتحدة القيام به. التباين الرئيسي هو بين الجنرالات الذين يفضلون – بحسب التسريبات – عملاً عسكرياً محدوداً – وبين الرئيس الأميركي الذي يطلب عملاً عسكرياً أوسع. حجة الجنرالات هي أن عملاً عسكرياً بسقف مرتفع قد يقود إلى تصعيد غير منضبط مما قد يعرض حياة الجنود الأميركيين في سورية للخطر. من المقرر أن يعقد اجتماع آخر اليوم الجمعة.

(2) عسكرياً:
تستمر الطلعات الجوية الخاصة بطائرات الرصد الإلكتروني الأطلسية، خصوصاً طائرة P8 الأميركية التي تنطلق بشكل يومي من قاعدة سيغونيلا في إيطاليا وتحلق أمام السواحل السورية واللبنانية. في أخر مهمة لها حلقت هذه الطائرة لمدة 8 ساعات أمام الساحل السوري. يضاف إلى ذلك تحليق لطائرات أواكس داخل المجال الجوي التركي.

يشمل الوجود العسكري الأطلسي في محيط سورية حتى اليوم مايلي:
– السرب الأميركي 336 المكون من 12 مقاتلة إف-15 سترايك إيغل في قاعدة موفق السلطي في الأردن.
– أربع مقاتلات رافال فرنسية في قاعدة الأمير حسن في الأردن.
– 6 مقاتلات تايفون بريطانية في قاعدة أكروتيري في قبرص
– 8 مقاتلات تورنيدو بريطانية في قاعدة أكروتيري في قبرص
– الغواصة الأميركية جون وورنر (من فئة فرجينيا) مسلحة بصواريخ توماهوك
– المدمرة الأميركية دونالد كوك (من فئة إرلي بيرك) مسلحة بصواريخ توماهوك
– المدمرة الفرنسية أكيتان مسلحة بصواريخ جوالة
– المدمرة البريطانية دنكن وهي مدمرة مخصصة للدفاع الجوي مسلحة بصواريخ الدفاع الجوي أستير التي يصل مداها إلى 120 كم

الوجود العسكري الأطلسي في المحيط الأبعد لسورية فيشمل حتى اليوم:
– 6 مقاتلات رافال فرنسية في قاعدة الظفرة الإماراتية
– 6 مقاتلات إف 22 أميركية في قاعدة الظفرة الإماراتية
– 6 قاذفات استراتيجية أميركية من طراز بي-1بي في قاعدة العديد القطرية

التحركات التي لم تصل بعد:
حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان (تحتاج لأربع أيام لتصل شرق المتوسط) وبرفقتها 5 مدمرات من طراز إرلي بيرك

التحركات غير المؤكدة:
المدمرات الأميركية روس، بورتر، وكارني التابعة للأسطول السادس، التي يقال أنها تتجه لشرق المتوسط، كانت متواجدة الأسبوع الماضي في موانئ أوروبية (في بريطانيا، فرنسا، وإسبانيا، على التوالي) ولم يتم التأكد من أنها قد غادرت تلك الموانئ فعلاً.
الغواصة فلوريدا (من فئة أوهايو) يعتقد أنها قد عبرت قناة السويس مؤخراً (لايوجد أي تأكيد رسمي)
غواصة بريطانية من طراز أستيوت تقول صحيفة ذا تايمز البريطانية أنها قد تكون وصلت إلى شرق المتوسط

(3) إلى أين؟
منذ اللحظة الأولى التي دار فيها الحديث عن اللجوء للخيار العسكري، وحتى اليوم، لازالت الأمور بتقديري تنحصر بين صفقة أو ضربة، وباحتمالات تكاد تكون متساوية، وتتأرجح بين ساعة وأخرى لصالح أحد الاحتمالين ولكن دون حسم حتى الآن. هناك عدة فوارق بين اليوم وبين 2013. فبالرغم من أن أوباما كان متردداً جداً في اتخاذ الخيار بتوجيه ضربة عسكرية، ووجد نفسه وحيداً بعد أن صوت مجلس العموم البريطاني لصالح عدم التدخل في سورية، إلا أنه حصل في النهاية على صفقة مهمة وهي انتزاع الكيماوي السوري، ضمن ما روج له تحت مسمى "إنزال أوباما عن الشجرة"، وهي الشجرة نفسها التي كان أوباما قد هبط نصفها لوحده، أما اليوم فيبدو أن الأميركيين يصرون على تسلق الشجرة نحو الأعلى، إذا جاز التعبير. على أي حال، بحسب التسريبات، فهناك قناتان قد نشطتا للاتصال غير المباشر بين موسكو وواشنطن خلال الأيام الماضية، إحداهما عبر أنقرة والأخرى عبر تل أبيب، قد تفلح أحدهما أو كليهما في التوصل إلى نزع فتيل المواجهة. وللمقارنة، في العام 2013، امتدت الأزمة لثلاثة أسابيع تقريباً، بين 21 آب و 10 أيلول، وكان أوباما قد هبط نصف الشجرة يوم 6 أيلول حين طلب موافقة الكونغرس على اللجوء للخيار العسكري بالرغم من أن الحشد العسكري كان قد اكتمل أساساً يومها.

ملاحظة: الصورة المرفقة من صحيفة ذا تايمز البريطانية تفترض أن المدمرات الأميركية الثلاث روس، بورتر، وكارني قد وصلت فعلاً إلى شرق المتوسط ولكن هذا غير مؤكد.

كاتب وباحث سوري

المقالات تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الصباحية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى