كتاب وآراء

هل تلقت صورة الردع الأميركية ضربة كبرى؟

 

صورة الردع الأميركية تتلقى ضربة كبرى؟
محمد صالح الفتيح*
(هذا التحليل مبني بطبيعة الحال على المعلومات التي توفرت هذا الصباح)

يبدو أن صورة الردع الأميركية قد تلقت ضربة كبرى في الساعات المبكرة من هذا الصباح. فبعد أسبوع من المناقشات قررت الولايات المتحدة، بحسب بيان وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة، استهداف ثلاث مواقع في سورية، واحد في دمشق واثنان في حمص. لم يكشف الأميركيون عن العدد الكامل للصواريخ التي تم استخدامها ولكنهم لمحوا إلى أن العدد بلغ ضعف عدد الصواريخ المستخدمة في شهر نيسان 2017 والذي بلغ يومها 59 صاروخاً، فيما يتم تداول الرقم 112 صاروخ على أنه الرقم المستخدم في ضربة اليوم وتذهب بعض المصادر إلى أن الرقم هو 120 صاروخ.

نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الهجوم هذا الصباح باستخدام الصواريخ الجوالة التي اطلقت من البحر من ثلاث مدمرات أميركية، المدمرات كوك، بورتر وهيغنز، ومن الفرقاطة الفرنسية فريم، وكذلك من طائرات بي-1 أميركية انطلقت من قاعدة العديد في قطر ومن طائرات تورنيدو بريطانية انطلقت على الأرجح من قاعدة أكروتيري ومن طائرات فرنسية، يتداول أنها من طراز ميراج وليس رافال، انطلقت على الأرجح من قواعد فرنسية. القسم الأكبر من هذه الصواريخ كان من طراز توماهوك فيما استعمل البريطانيون صواريخ ستورم شادو التي تستطيع كل مقاتلة من طراز تورنيدو حمل صاروخين منها مما يجعل العدد الأقصى الذي يمكن أن يكون البريطانيون قد اطلقوه هو 8 صواريخ ويرجح أن يكون الفرنسيون قد استعملوا الطراز نفسه من الصواريخ.

التفصيل الذي يتم تداوله هذا الصباح هو أن طائرات بي-1 الأميركية التي انطلقت من قاعدة العديد قد استخدمت الصاروخ الأحدث AGM-158 JASSM-ER وهو صاروخ جوال مشابه لصاروخ توماهوك ولكنه أحدث، وشبه شبحي، ودخل الخدمة الفعلية لدى الجيش الأميركي في العام 2014 وإذا ما صدقت الرواية القائلة بأنه قد استخدم هذا الصباح فإن هذا سيكون الاستخدام القتالي الأول لهذا النوع من الصواريخ. وقد يكون هذا الاستخدام الأول هو ما أشار إليه ترامب مؤخراً عندما تحدث عن استخدام صواريخ ذكية جداً.الاستخدام القتالي الأول سجل أيضاً للصواريخ الجوالة الفرنسية الصنع MdCN التي اطلقت من الفرقاطة فريم.

بحسب ما يتداوله ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقد تم اعتراض قسم كبير من الصواريخ القادمة بواسطة وسائل الدفاع الجوي، فيما يدور الحديث عن استخدام وسائل التشويش الإلكتروني بنجاح ضد الصواريخ البريطانية من طراز ستورم شادو التي استخدمت في محافظة حمص. أما بيان وزارة الدفاع الروسية منذ قليل فتحدث عن اعتراض حوالي 70 صاروخاً. المقرر أن يعرض البنتاغون في وقت مبكر من مساء اليوم (الساعة 9 صباحاً بتوقيت واشنطن) تفاصيل العملية العسكرية.

كان أحد العوامل التي تدفع الأميركيين للالتزام بتنفيذ تهديدهم بتوجيه ضربة عسكرية في هذا التوقيت هو الحفاظ على صورة الردع خصوصاً أن تركيزهم الحالي هو على الملف الكوري الشمالي؛ فبعد فترة من تبادل رسائل التهديد اتفق الطرفان، الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، على عقد لقاء قمة بين رئيسي البلدين قريباً. كان الرئيس الأميركي سيدخل اللقاء بموقف ضعيف فكيف يمكن له أن يقنع كوريا الشمالية، النووية، بأن الخيار العسكري موجود فعلاً إذا لم يكن متاحاً في الملف السوري. يبدو الآن أن هذا المسعى لم يكلل بالنجاح تماماً مع حصيلة الهجوم هذا الصباح.
 

(الصورة المرفقة لطائرة بي-1 أميركية تطلق صاروخ JASSM-ER)
 
 
 
 
طائرة بي-1 أميركية تطلق صاروخ JASSM-ER

 

*المقالات تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الصباحية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى