الكيان الاسرائيلي المحتل

تل أبيب: حماس والشارع في القطاع يتصرفان كمجتمعٍ ثوريٍّ مُستعدٍ لدفع أثمانٍ باهظةٍ كي يحقق نتيجةً وطنيّة

الناصرة-زهير أندراوس:

 

تعمل إسرائيل، بقيادة صنّاع القرار من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ، على كيّ الوعي الفلسطينيّ في قطاع غزّة، ضمن مساعيها لإحباط عزيمة سكّان القطاع المُحاصر ومنعهم عن طريق الحرب النفسيّة من المُشاركة في كلّ أسبوعٍ بمسيرة العودة، التي تُنظّم بالقرب من السياج الحدوديّ.

 

وفي هذا السياق، زعم وزير الأمن الإسرائيليّ، المُتشدّدّ أفيغدور ليبرمان أنّ انخفاض عدد الفلسطينيين الذين يحتجون على طول حدود غزة يعود إلى عزيمة كيان الاحتلال على قمع المظاهرات العنيفة.وتابع قائلاً في تصريحاتٍ للإذاعة العبريّة إنّه في كلّ أسبوعٍ هناك عدد أقل من مثيري الشغب على حدودنا مع غزة. عزمنا مفهوم جيدًا في الجانب الآخر، بحسب زعمه. كما شكر ليبرمان قوات الجيش الإسرائيلي على عملهم المهنيّ والأخلاقيّ الذي يحرس حدود غزة.

 

علاوةً على ذلك غردّ على حسابه الشخصيّ في تويتر: بفضلكم مواطني إسرائيل يمكنهم مواصلة روتينهم، وحتى يمكن لأقلية صغيرة ومُنافقة أنْ تحتج ضدكم، قال في إشارة إلى فيديو لنشطاء يساريين وصفوا الجنود بالقرب من غزة بالإرهابيين.

 

ولكن بالمُقابل، رأى مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ الفلسطينيين يُسّمون ما يجري على الجدار بـ”مسيرة العودة”، أمّا في إسرائيل، فيُسّمون النشاط العسكريّ أمام جدار القطاع بـ”حماة الحمى”، وتابع: وهذان هما عنوانان لنفس العملة، هم يسيرون، ونحن نحرس، هم يُبادرون، وإسرائيل ترد. لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه في الأسبوع الأخير يحاولون في الدولة العبريّة خلق الانطباع بأنّ “حماة الحمى هزموا مسيرة العودة”، أقل فأقل يصلون إلى التظاهر على الجدار، حماس فشلت، وهذا وهم خطير، على حدّ تعبيره.

 

وساق قائلاً إنّه في الأيام الأخيرة قرّب الفلسطينيون نقاط انطلاقهم نحو جدار الفصل وأقاموا خيامًا على مسافة 100 ـ 200 متر عن الحدود، مُشيرًا إلى أنّه حتى وقت أخير مضى وجدت خمس نقاط تجمع، بنيت فيها خيام كبيرة، على مسافة أكثر من 700 متر، مُضيفًا أنّ وسائل الإعلام الفلسطينيّة تعرض الانتشار الجديد كبث من الجبهة، تبدو فيها أيضًا سيارات إسعاف وسيارات مدنية تقترب أكثر فأكثر من الحدود. مؤكّدًا على أنّ سيارات فلسطينية تمامًا على خط الحدود مع إسرائيل هي مشهد لم يظهر في المنطقة منذ زمن بعيد، بحسب تعبيره.

 

ونقل المُحلّل عن مصادره العسكريّة قولها إنّه في هذه الأثناء انقطعت حماس عن التأثير الخارجيّ، فقد قطعت تمامًا الاتصال مع السلطة الفلسطينيّة، وأرسلت من القطاع بأيادٍ فارغةٍ مندوب المخابرات المصرية الذي جاء قبل نحو أسبوع للبحث في تخفيض مستوى اللهيب، مَيفًا، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ المصريين أجبروا  حماس على أنْ تُرسل هذا الأسبوع وفدًا إلى القاهرة، ولكن الزعيم يحيى السنوار لم يصل إلى هناك.

 

بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة، بحسب الصحيفة العبريّة، تقدّم الاتحاد الأوروبيّ لحماس عشية المظاهرات باقتراحٍ مغرٍ: نصف مليار يورو لإعمار شبكات الكهرباء والمياه في غزة، حيث يجري الحديث عن تحويلٍ فوريٍّ للأموال، بالشراكة مع دول الخليج وبرعاية إسرائيل والولايات المتحدة، ولكنّ حماس، أضافت المصادر، لم تُعر هذه الخطوات انتباهًا. وشدّدّ المُحلّل على أنّ حركة المُقاومة الإسلاميّة تُريد اقتحام الجدار كي تغير الوعي بوضع القطاع، ومستعدة لأنْ تدفع ثمنًا باهظًا، وليس فقط بالقتل.

 

وأشار المُحلّل أيضًا إلى أنّ هذا الأسبوع دفعت حماس أكثر من مليوني دولار لعائلات القتلى والجرحى، وفي الأسبوع الماضي دفعت مبلغًا مضاعفًا، وفي الأسبوع الذي سبقه ذلك مبلغًا يُعادل ثلاثة أضعاف، ناهيك عن الإنفاق الطائل القائم، ولا بُدّ سيكون على إعادة تأهيل مئات جرحى الإطراف.  وجزم المُحلّل قائلاً: حماس والشارع في القطاع يتصرفان كمجتمعٍ ثوريٍّ، مستعد لأن يدفع أثمانًا شخصيةً عالية كي يحقق نتيجةً وطنيّةً، على حدّ قوله.

 

على صلةٍ بما سلف، نشر اليوم الأحد مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، نشر تحليلاً يعتمد على مصادره الأمنيّة في تل أبيب قال فيه إنّ المظاهرات الاستثنائيّة وغير المسبوقة على السياج الحدوديّ، لا تقترب إلى الحدّ الأدنى ممّا سيجري في الخامس عشر من الشهر القادم، أيْ شهر أيّار (مايو)، وهو اليوم الذي يُحيي فيه الفلسطينيون ذكرى نكبة العام 1948.

 

وأضاف، وهو الذي يُعتبر الابن المُدلّل للمؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، أضاف قائلاً إنّه من أسبوعٍ لآخر واستعدادًا للشهر القادم القابل للانفجار، تقوم حركة حماس بإعداد وإخراج وإنتاج الدراما، وذلك في القوت بين نقل السفارة الأمريكيّة من تل أبيب إلى القدس، إذْ أنّ حماس، شدّدّ المُحلّل هارئيل، تُخطط لقيام عشرات ألآلاف باقتحام السياج الحدوديّ بهدف إطلاع الرأي العّام العالميّ على معاناة السكّان الذين يئنون تحت نير الحصار منذ 11 عامًا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى