التعليم واللغة والهوية
هاني الحسيني*
1- الاهتمام باللغة العربية وتطويرها مسألة في غاية الأهمية. طبعا فيه نقاش مفروض يتم عن معنى تطوير اللغة العربية. في رأيي مازال من الممكن الحفاظ على لغة عربية تتبع قواعد موحدة أو متقاربة بين الشعوب المختلفة الناطقة بها وفي نفس الوقت تقريب هذه اللغة من اللغات الدارجة.
2- تطوير اللغة العربية قضية هوية فعلا. ارتباط الفرد بعدد كبير من الناس يعرف يتفاهم معاهم بسهولة من خلال اللغة المشتركة جزء من هوية الإنسان، قيمة الفرد بتبقى أكبر من خلال وجوده ضمن جماعة مترابطة إلى حد ما.
3- تطوير اللغة العربية مستحيل لو لم نهتم بتعليم العلوم الطبيعية والإنسانية والرياضيات بها. لأن الحياة المعاصرة بتعتمد بشكل كبير على العلم والتكنولوجيا فالفصل بين لغة الحياة ولغة العلم يؤدي لتجمد اللغة وتدهورها من ناحية وإلى اغتراب الإنسان عن العلم والتكنولوجيا من ناحية تانية.
4- من الناحية التانية: الطفل بيفكر بلغة واحدة بشكل أساسي (فيه حالات شاذة لكن أغلب الأطفال كده). علشان يفهم الموضوعات اللي بيدرسها بسهولة وما يتعاملش معاها إنها صيغ جامدة ياخدها زي ما هي فالأفضل إن الطفل يتعلم بنفس اللغة اللي بيستعملها في الحياة.
5- علشان نفس قضية الهوية- أقصد ارتباط الفرد بمجموعة كبيرة من الناس – ولأن الهوية الأولى للإنسان هي إنه إنسان ينتمي للجنس البشري، فمن المهم أن يتعلم الفرد لغة أجنبية أو أكثر تتيح له التواصل مع أكبر عدد ممكن من البشر. التعليم ده مفروض يبدأ في سن مناسب للطفل- للأسف السن المناسب ده عليه خلاف كبير وتقديري الشخصي إنه بيختلف بين طفل وآخر.
6- التعليم في مراحل أعلى (الجامعة مثلا) أعتقد برضه إنه أفضل يكون أساسا باللغة الأم. الإدراك والاتزان العاطفي مرتبطين ببعض وتمكن الشخص من اللغة بيسهل فهمه للموضوعات اللي بيدرسها.
7- طول عمر البشر كان عندهم لغة واحدة تقريبا للتواصل العلمي . في عصر ما كان العلماء في الغرب لازم يتعلموا عربي أو عبري، وفي عصر تالي كانت لغة التواصل هي اللاتينية، وحاليا الانجليزية. دي مسألة مالهاش علاقة بالتعليم. فرنسا من أقوى دول العالم في الرياضيات (هي الدولة الحاصلة على أكبر عدد من ميداليات فيلدز) وعلماء الرياضيات الفرنساويين بينشروا كتير جدا أبحاثهم بالفرنساوي. لكن كلهم بيقروا ويكتبوا ويتكلموا انجليزي معقول…. وطبعا التعليم من ابتدائي للدكتوراه بالفرنساوي…. مفيش تعارض بين الحاجتين.
*المقالات تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الصباحية