المنافسة بين الكبار تنبئ بانتخابات مثيرة في ماليزيا
كوالالمبور (رويترز) – تشهد الانتخابات العامة المقررة في ماليزيا يوم الأربعاء منافسة غير عادية بين رئيس وزراء تلاحقه فضيحة بملايين الدولارات وتحالف زعيم سابق مخضرم يبلغ من العمر 92 عاما مع سياسي إصلاحي مسجون.
وليست هناك شكوك كثيرة في فوز رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق المنتمي إلى تحالف باريسان الذي يحكم البلاد منذ استقلالها قبل ستة عقود.
لكن مشاركة المعارضة بشخصيات في مقدمتها مهاتير محمد الذي تجاوز سن التسعين وكان أطول رؤساء وزراء ماليزيا بقاء في السلطة وكذلك تلميذه السابق أنور إبراهيم تنبئ بانتخابات مثيرة.
وقالت مجموعة أوراسيا الاستشارية ”الزخم يصب في كفة المعارضة لكننا نعتقد أنها لن تحقق نصرا مفاجئا على الأرجح“. وتوقعت المجموعة ألا تتجاوز احتمالات فوز تحالف الأمل الذي ينتمي إليه مهاتير 15 بالمئة.
وقال بيتر مامفورد مدير آسيا في المجموعة إن التحالف الحاكم قد يحقق نتيجة أسوأ من انتخابات 2013 عندما خسر التصويت الشعبي لكنه فاز بعدد 133 مقعدا من بين مقاعد البرلمان المؤلف من 222 مقعدا.
ويقضي نظام الأغلبية البسيطة المعمول به في ماليزيا بفوز الحزب الذي يحصل على غالبية المقاعد في البرلمان حتى وإن لم يحصد معظم أصوات الناخبين.
وأشار مامفورد إلى أن تحقيق نصر غير مقنع سيجعل النفوذ السياسي لنجيب (64 عاما) يتآكل كما أنه قد يواجه ضغوطا من داخل حزبه لدفعه إلى عدم المنافسة في الانتخابات المقبلة.
وسيوجه هذا ضربة لنجيب الذي صمد في وجه قضية صندوق التنمية الماليزي (1إم.دي.بي) وهو صندوق سيادي تراكمت عليه ديون ثقيلة بعد أن تولى رئيس الوزراء السلطة عام 2009. وفي 2015 أفادت أنباء بأن مبلغ 681 مليون دولار انتقل إلى حسابات شخصية لنجيب الذي نفى ارتكاب أي مخالفة وبرأت السلطات ساحته.
وقام مهاتير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة 22 عاما بدور المرشد والموجه لنجيب يوما ما لكنه انقلب عليه بسبب قضية صندوق التنمية الماليزي (1إم.دي.بي) وانسحب من حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو الذي يمثل أغلبية الملايو في البلاد.
وفي خطوة غير متوقعة قرر مهاتير وأنور (70 عاما) العام الماضي وأد خلاف بينهما واتفقا على حشد الجهود للإطاحة بنجيب.
كان مهاتير قد أقال أنور من منصب نائب رئيس الوزراء عام 1998. وأنشأ أنور بعد ذلك حركة الإصلاح للتخلص من حكم المنظمة الوطنية المتحدة للملايو لكن جهوده اصطدمت بعراقيل لاتهامه باللواط والكسب غير المشروع. ونفى أنور هذه الاتهامات لكنه دخل السجن بسببها.
وسٌجن أنور مرة أخرى عام 2015 في تهمة لواط أخرى وصفها بأنها محاولة ذات دوافع سياسية لإنهاء مستقبله السياسي.
ووعد مهاتير بالسعي لإصدار عفو ملكي عن أنور إذا فاز بالانتخابات على أن يتنحى أنور جانبا بمجرد أن يخرج من السجن ليترك لأستاذه الذي تحالف معه منصب رئيس الوزراء.
ويشعر مؤيدو حركة الإصلاح بالاستياء لتحالف أنور مع الرجل الذي حاول الوقوف في وجه حركتهم لكن نور العزة، وهي ابنة أنور ونائبة في البرلمان، قالت إن إلحاق الهزيمة بتحالف نجيب هو المهم.
وأضافت نور العزة لرويترز مؤخرا ”وصلنا إلى هذه النقطة بعد سنوات كثيرة وإذا لم تكونوا على درجة كافية من الذكاء والحكمة لحشد كل هذه القوى معا فإننا قد نخسر فرصة اقتناص السلطة من تحالف باريسان“.
وأظهر مسح نشره مركز ميرديكا لاستطلاعات الرأي الأسبوع الماضي أن المعارضة الماليزية ستحقق مكاسب لكنها لن تكون كافية لاقتناص أغلبية مقاعد البرلمان. وتوقعت النتائج فوز تحالف مهاتير بنسبة 43.7 بالمئة من أصوات الناخبين وتحقيق تحالف باريسان نسبة 40.3 بالمئة.
وفيما يلي ملخص لجوانب العملية الانتخابية وحقائق رئيسية بشأن ماليزيا:
* الحملات الانتخابية والتصويت
تحدد اللجنة الانتخابية موعد التصويت ومدة الحملات الانتخابية. وبدأت الحملات، التي تستمر 11 يوما، يوم 28 أبريل نيسان. وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الانتخابات يوم التاسع من مايو أيار في الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (0000 بتوقيت جرينتش) وتغلق أبوابها في الخامسة مساء (0900 بتوقيت جرينتش).
وهناك قرابة 15 مليون ناخب مسجل في ماليزيا. وقال مسؤولون باللجنة الانتخابية إن من المتوقع إعلان النتائج النهائية بحلول منتصف ليل اليوم التالي.
* نظام التصويت
تبنت ماليزيا نظام وستمنستر البرلماني بعد استقلالها عن بريطانيا في 1957. ويجري انتخاب الحكومة بناء على الفائز بأكبر عدد من الأصوات أي بنظام الأغلبية البسيطة.
ولم يتعرض الائتلاف الذي يقوده حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو للخسارة منذ الاستقلال. ويضم الائتلاف أحزابا تمثل الجماعات العرقية الثلاث الرئيسية في البلاد: الملايو وهم الأغلبية، وأكثرهم مسلمون، والصينيون والهنود.
واتهمت المعارضة الحكومة بالتزوير والتحيز في تقسيم الدوائر الانتخابية واستخدام الإعلام الذي تديره الدولة لضمان الفوز في كل سباق انتخابي. وتنفي الحكومة هذه الاتهامات.
ويقول منتقدون أيضا إن اللجنة الانتخابية تحابي الحزب الحاكم. ونفت اللجنة الانتخابية ذلك مرارا.
* لعبة أرقام
تجرى الانتخابات العامة لاختيار نواب لشغل جميع مقاعد المجلس الأدنى بالبرلمان، أو ديوان النواب، وعددها 222 مقعدا.
وحصل ائتلاف نجيب الحاكم على 133 مقعدا ليفوز في آخر انتخابات عامة، والتي أجريت في 2013، رغم أنه خسر التصويت الشعبي.
ويأمل ائتلاف المعارضة في أن يتمكن من تقليل عدد مقاعد تحالف باريسان ويحصل على 112 مقعدا على الأقل مما سيعطيه الحق في تشكيل حكومة.
أما المجلس الأعلى بالبرلمان، أو مجلس الأعيان، فلا يتم انتخاب أعضائه السبعين وإنما يجري تعيينهم.
* موقع يحظى بأهمية جيوسياسية
ماليزيا دولة مصدرة، ويعتمد اقتصادها على النفط والغاز وزيت النخيل والمطاط والإلكترونيات.
ويقع جزء من بحر الصين الجنوبي بين شرق وغرب ماليزيا، وهي منطقة بحرية تقع ضمن منطقة تزعم الصين ملكيتها بالكامل ويحددها ما يعرف بخط النقاط التسع على خرائطها.
وترفض ماليزيا ودول أخرى في المنطقة مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره تجارة سنوية تقدر قيمتها بنحو خمسة تريليونات دولار.