لماذا لم يرو البخاري ومسلم ولو حديثا واحدا عن طريق الإمام أبي حنيفة؟
مما يثير التساؤل والتعجب، أن البخاري ومسلم لم يرويا حديثا واحدا عن أبي حنيفة، مع منزلته الفقهية العظيمة عند أهل السنة، فقد كان ولا يزال يسمى بالإمام الأعظم، إلا أن البخاري " يجرح ابا حنيفة ويعده من الضعفاء والمتروكين" كما ذكر ابن عبد البر في الانتقاء ص ٢٤٩، وذكر في نفس الكتاب ص ٢٠٣ "وأما سائر اهل الحديث فهم كأعداء لابي حنيفة واصحابه" ، وإذا أضفنا لذلك ما أورده عبد الله بن احمد بن حنبل في كتابه" السنة" من طعون على أبي حنيفة زادت عن ستين موقعا؛ فإننا نفهم أن هناك عداء واضحا لابي حنيفة من اهل الحديث.
مدرسة أبي حنيفة الفقهية تعتبر اول المدارس الفقهية الحقيقية، فالامام مالك الذي ولد بعده ب١٣ عاما، لم يكن تأثيره وعلمه كأبي حنيفة، ومع ذلك وجدنا الطعن عليه من اهل الحديث
لو أردنا أن نفسر ذلك لارجعناه إلى سببين، الأول: أن ابا حنيفة كان يعتمد كثيرا على الرأي حتى لو كان هناك رواية صحيحة عن النبي صلوات الله وسلامه عليه؛ لذلك سميت مدرسته بمدرسة الرأي، اي أنه لم يقبل كل ما وصله من الروايات اذا كانت تخالف القرآن أو تخالف العقل، وهذا منهج غير مقبول عند أهل الحديث الذين اعتمدوا على الرواية حتى لو خالفت القرآن والعقل، وبذلك فقد كان ابو حنيفة يؤسس لمنهج فقهي عقلي، ولو بشكل نسبي، في حين أراد اهل الحديث إلغاء العقل بحجة اتباع النص. أما السبب الثاني: فهو أن ابا حنيفة كان معارضا للسلطة القائمة وثبت أنه كان يجمع الأموال دعما لثورة محمد النفس الزكية الذي خرج على الدولة العباسية، في حين أن اهل الحديث كانوا أدوات في يد السلطة الحاكمة بما رووه من أحاديث تنكر الخروج على الحاكم ولو أكل أموال الناس بالباطل وجلدهم بدون وجه حق.
لذلك نفهم أن اهل لم يروا عن أبي حنيفة شيئا في الصحاح، فهو ليس مطعونا في سلوكه بل في فكره، مما يعطينا نموذجا حيا للمنهجية المتهالكة لأهل الحديث في الجرح والتعديل.
كذلك يمكن إضافة سبب ثالث قد لا يلتفت إليه مع أهميته وهو أن ابا حنيفة تتلمذ على يد جعفر الصادق احد أئمة اهل البيت.
عندما نفهم الظروف التاريخية والسياسية فهما صحيحا نستطيع الحكم بشكل ادق على ما وصلنا من التراث، ونتأكد ا ن يد السياسة والطائفية والمذهبية تلاعبت في تراثنا حتى أفسدت صورة الإسلام النقية.
#أشعل_مصباح_عقلك_واتبع_نوره
صباح الخير
#الصرفندي