مقابلات

قيادي صدري: الانتخابات أسست لمرحلة جديدة والتيار ثابت على مواقفه، وتشكيل الحكومة سيكون أسرع، ونرفض التدخل الخارجي كله ونتطلع ونعم لعلاقات ندية

الشيخ صادق الحسناوي في سطور
عضو مكتب السيد الشهيد الصدر

ساهم في التقريب بين التيار الصدري والتيار المدني.

شارك في أنشطة وفعاليات التيار الصدري الرافضة للاحتلال الأمريكي في العراق

عمل ضمن اللجنة المشرفة على الاحتجاجات الشعبية الرافضة للمحاصصة الطائفية والحزبية

امام جمعة مسجد الكوفة (مسجد له مكانته التاريخية والدينية في العراق)

 

بتواضع وسعة صدر يجيب الشيخ صادق الحسناوي القيادي في التيار الصدري على أسئلة الصباحية، ولا يمنعه الصيام، وكثرة المشاغل عن الإنصات والإعادة والتوضيح. بلغة دبلوماسية وصحافية دقيقة، ووافية لا تستفيض في الإطالة، ولا توجز كثيرا بما يمنع المعنى عن الوصول بوضوح. تشعر معه أنك أمام منظر سياسي، خضرمته التجارب السياسية، يجيب بصدق وشفافية، ولا يوارب في إعلان آرائه ومواقفه. يتحدث عن مفاهيم سياسية جامعة كالمواطنة، والهوية العراقية الجامعة، وعن مرحلة جديدة من تاريخ العراق الحديث، ينبذ المحاصصة والطائفية والهويات الفرعية، ويطمح نحو عراق مستقل وقادر على تحمل مسؤولياته إزاء مواطنية جميعا، بما يليق بدولة لها تاريخ عريق وحضارة. ينظر إلى بناء علاقات داخلية عابرة للهويات الفرعية، وقادرة على التواصل بين جميع الأطياف مهما ابتعدت عن قناعاته الشخصية. يصرح بأنه رعى التواصل بين التيار وأقصى اليسار العراقي من الشيوعيين وغيرهم. يجاهر بمبدأ علاقات إيجابية بين العراق ومحيطه كله دون استثناء، وفي الوقت ذاته، بعلاقات قائمة على أساس الندية والاستقلال. وهو ما يقوله صراحة عن الجميع حتى ولو كانت واشنطن أو غيرها من العواصم.

نترككم مع نص الحوار والمقابلة كاملة. حوار: د. رياض محمد الأخرس

الصباحية: كيف تقرؤون نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في العراق؟

الشيخ الحسناوي: ان نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة أطاحت باغلب القوى السياسية التي ترتكز على التخندق الطائفي المقيت وكشفت عن تنامي وعي شعبي بقيمة الهوية الوطنية بعدما كادت تنحل الى هويات اثنية ثانوية تهدد وجود الدولة العراقية والنسيج الاجتماعي العراقي كما انها أظهرت رفض الشعب العراقي للتلاعب بعواطفه وحماسه الوطني واستغلاله لاجل التخندق الطائفي او العرقي. انها انتخابات تؤسس لمسار جديد في السياسة العراقية داخلياً وخارجياً.

 

الصباحية: هناك انتقاد كثيرا ما يوجه إلى التيار الصدري وإلى السيد مقتدى تحديدا وهو “التصريحات والمواقف السياسية” التي تصاغ أحيانا بشكل “غير سياسي” فتظهر للمتابعين السياسيين وكأنها “مشوشة أو غير سياسية أو غير ناضجة أو أحيانا تعجيزية”… ما تعليقكم؟

الشيخ الحسناوي: سماحة السيد مقتدى الصدر( حفظه الله) رجل وطني وسليل اسرة علمية دينية تركت تراكماتها آثارها على أسلوب خطابه وحياته اليومية، وهو يخاطب الشعب بلغة سلسة وسهلة، بعيداً عن المصطلح السياسي وتعقيداته ودلالاته المحتملة والمتعددة، وهذا ليس عيباً في الخطاب وانما نقطة قوة، لانه خطاب واضح وصريح يهدف للحديث عن لب الموضوع وجوهره، ولعل سعي سماحة السيد مقتدى الصدر للتواصل مع الجوار العربي والإسلامي وإقامة علاقات متوازنة للدولة العراقية مع دول الجوار جعله في معرض النقد لان مشروعه يتناقض مع المشاريع الطائفية والاثنية ويكسر حاجز القطيعة والتقاطع وهي جميعاً مواقف اعتاشت عليها قوى سياسية خلال المدة المنصرمة وكلفت العراق مئات الالاف من الضحايا وقد آن الأوان لطي تلك الصفحة السوداوية المظلمة، وهو يسير بخطىً ثابتة وواثقة لتجاوز هذه المحطة البائسة من محطات تاريخ العراق الراهن.
الصباحية: حصلت كثير من الانتقادات حول تحالفكم مع الشيوعيين… وبالفعل يبدو التحالف بين تيار يقوده شخصيات دينية مع الشيوعيين غير مفهوم أو أنه براغماتي جدا… هل لا زلتم مقتنعين بهذا التحالف أم أن من المبكر مراجعة مثل هذا الأمر؟ وهل حصدتم ثمار إيجابية لمثل هذا التحالف؟

الشيخ الحسناوي: التحالف مع الشيوعيين والمدنيين تحالف سياسي قائم على المشتركات الوطنية واستحقاقات شعبية أهمها حق كل عراقي في المشاركة السياسية بصفته المواطنية لابصفته الدينية او العرقية ولا نلوم المنتقدين او ننشغل بالرد عليهم، فهذا التحالف شكل صدمة لهم لم يستفيقوا منها بعد، وهو تحالف يكشف فشلهم ايضاً، فقد فشلوا في عقد تحالفات وطنية فيما نجح السيد مقتدى الصدر في جمع اليسار واليمين (ان صحت التسمية) في تحالف وطني تكمن أهميته في كسر الحواجز الأيديولوجية المعقدة والسير بهذا التحالف نحو الخيمة الوطنية التي اخذت على عاتقها إعادة ترميم الهوية الوطنية وتعزيزها.

 

الصباحية: ما هي آفاق تأليف الحكومة العراقية ومتى سترى النور؟

الشيخ الحسناوي: قياساً بالحكومات السابقة والمدة الزمنية التي استغرقها تشكيل تلك الحكومات، فمازال الوقت مبكراً، فهناك توقيتات دستورية لا يمكن مخالفتها، كتوقيت انتهاء عمل البرلمان الحالي الذي ينتهي في 30-6-2018، غير ان التفاؤل بتشكيل حكومة عراقية عابرة للطائفية والمحاصصة، قائم واعتقد انها سترى النور اسرع من سابقاتها بكثير.

 

 الصباحية: ما هي العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة العراقية؟

من ابرز العقبات تمسك بعض الشخصيات السياسية بالنهج المحاصصاتي ودورانهم في فلكه ومحاولاتهم ترسيخ هذا النهج كعرف سياسي يحكم النظام السياسي في العراق، غير ان هذه المحاولات لن تثمر لرفضها اجتماعياً ولعدم امتلاك دعاتها لنصاب برلماني يؤهلهم للتاثير على المشهد السياسي في العراق او تشكيل كتلة سياسية داخل البرلمان قادرة على عرقلة الإصلاح السياسي المنشود.

 

الصباحية: ماذا عن دور إيران أيضا في تشكيل الحكومة .. هل تعتقدون أنها تتفق مع الكتلة الأكبر الحالية في الانتخابات وسوف تسهل عليها تشكيل الحكومة؟  عموما هل تعقتدون بأنكم ستحصلون على التأييد الكافي من أطراف فاعلة في العراق كالولايات المتحدة والسعودية وإيران للمشاركة جديا في تشكيل الحكومة المقبلة؟

الشيخ الحسناوي: اعتقد ان المحاصصة الطائفية والخطاب الطائفي الذي ساد في العراق خصوصاً خلال الحقبة 2003-2015 تقريباً، كان استدعاءً للجوار العراقي للتدخل بقوة في الشأن بحجج ومبررات لاقت قبولاً عراقياً (حزبياً) وليس شعبياً. ومع انحسار الخطاب الطائفي وبروز خطاب التعايش على أساس المواطَنَة فلا اعتقد ان التدخل سيلقى قبولاً ان لم يكن تدخلاً ايجابياً، والعراق تربطه علاقات تاريخية مع دول الجوار الشقيقة والصديقة ومن غير المعقول ان تعمل هذه الدول على عدم استقرار العراق او محاولة فرض ارادتها السياسية او موقفها على الحكومة العراقية، فالتحولات الحاصلة في اكثر من دولة في المنطقة من شأنها ان تلقي بظلالها ايجابياً على العراق.

 

الصباحية: ما هي أهم التحديات التي تواجه الحكومة العراقية المقبلة؟

الشيخ الحسناوي: ستواجه الحكومة المقبلة استحقاقات شعبية لابد من تلبيتها منها أزمة المياه ومعالجتها، وتاثير هذه الازمة على الاقتصاد العراقي بشطريه الجزئي والقومي خاصة الزراعي منه، كما تدخل أزمة الطاقة الكهربائية كتحدي مزمن للحكومات المتعاقبة على العراق، وربما سيكون على الحكومة المقبلة التعامل بحزم مع هذا الملف لانه لايحتمل التاجيل فاذا اجتمعت ازمة المياه مع ازمة الكهرباء أصبحت الحكومة في وضع لاتحسد عليه وهو تحدي يوجب عليها خوض تحدٍ آخر يتمثل في الانفتاح على دول الجوار بتوازن يحفظ للعراق حقوقه ويبعده عن المحاور والأزمات.

 

الصباحية: هل سيبقى التيار الصدري عند وعوده بالطلب من الأمريكان الخروج من العراق؟

الشيخ الحسناوي: هذا الموقف لا تراجع عنه وغير قابل للنقاش وهو موقف مبدئي التزمه التيار الصدري، وخاض معارك طاحنة لاجل تنفيذه، وكان لمقاومته اثرها الكبير في تعجيل اعلان الانسحاب الأميركي من العراق في 2011 غير ان الأيام اثبتت ان اميركا انسحبت من العراق لتعود اليه بصيغة أخرى ومبررات جديدة وفي كل الأحوال والمتغيرات يبقى موقف التيار الصدري ثابتاً غير قابل للتغيير.

 

الصباحية: وهل تعتقد أنكم ستقدرون على التوفيق بين الحصول على التسهيل الأمريكي لتشكيل الحكومة بحضور كتلتكم والمطالبة برحيل الأمريكان؟ وماذا لو أنهم لم يرحلوا هل ستكتفون بالدعوات الإعلامية أم أن الأمور يمكن أن تتطور لأبعد من ذلك؟

الشيخ الحسناوي: نحن لاننتظر اذناً او موافقة أميركية او موقفا اميركياً يصب في مصلحتنا وننظر بعين الريبة لاي موقف امريكي، ويكفي ان أمريكا تركت العراق خراباً، وحولت مدنه الى خرائب واطلال، وعطلت بنى العراق التحتية، وتحولنا الى دولة تستورد حتى المناديل الورقية والآيس كريم!! وموقفنا لن يتغير من الوجود الأميركي في العراق، ولن نذعن اطلاقاً لعلاقات عراقية – أميركية تفتقد للندية والاستقلال.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى