كتاب وآراء

“سائرون” بين ثوابت الوطن ومتغيرات السياسة

الشيخ صادق الحسناوي*

كيف يمكن للسيد مقتدى الصدر ان يتعامل مع متغيرات السياسة ويحافظ على ثوابته الدينية والوطنية ؟ والسياسة هي اب المتغيرات وامها ومن اهم ثوابتها اللاثبات ! ذلك ان اي خطوة سياسية تخضع لمعيار مطابقتها للبرنامج السياسي ومدى امكانية التقارب مع القوى السياسية الاخرى تحت المظلة الوطنية ومثل هذا المعيار الاخلاقي يمنع استهلاك القائد والاطاحة به تحت طائلة تناقض طروحاته ومواقفه كما يحاول الكثيرون من خلال وسائل الاعلام او وسائل التواصل الاجتماعي سيّما بعد تحالف (سائرون والفتح) بدعوى ان هذا التحالف مخالف للشعارات المعلنة والمطروحة ، انهم بهذا يحاولون شخصنة الامور وابعاد وعي الجماهير عن الهدف الاهم وهو تحقيق تحالف وطني على اسس وطنية ، والشخصنة اخطر ما واجهناه منذ 2003 والى الان حيث جرى تصنيف المواقف على انها مواقف من اشخاص وليست من اساليب في ادارة الدولة ، انها في الحقيقة مواقف ناشئة من تشخيص الخلل في ادارة الدولة والابتعاد عن التحالف مع من يرضى بهذا الخلل ليس الا موقفاً وطنياً قابلاً للتغير في حال تغيير الاخر لاسلوبه ومقاربته للمنهج الوطني ولهذا نبدو بحاجة ماسة للتخلص من الشخصنة والوقوف على اعتابها والنظر دائماً الى المشروع ومحاكمته وفق المعيار الوطني وثوابته فليس الحظر القائم هو حظر على الاشخاص انما حظر على الرؤية فقط والا فان الشخصيات السياسية لها جمهورها ولها ثقلها السياسي الذي تستند اليه ولايمكن اطلاقاً لاي قوة سياسية ان تقصي الاخرين او تقلل فرص تاثيرهم مالم يكن لها حضورها السياسي الثقيل القادر على زعزعة القوى الاخرى سياسياً وابعادها عن التاثير وهو مالم يحصل في العراق الى الان ،وكل ماتحصل هو تراجع هذه القوى وتقليل فرص انفرادها في ادارة البلاد الى حد كبير لكنها نتيجة لن تؤدي الى تشكيل حكومة عراقية خارج التحالفات والتوافقات السياسية والفرق الجوهري الحاصل الان هو ان تحالف سائرون لديه ثقل سياسي يمنحه القدرة على التقارب مع القوى السياسية الاخرى على اساس الاستحقاق الوطني واي توافق يحصل وفقاً لهذا الاستحقاق فانه نجاح كبير وشدخ في جدار اللا رؤية والاعتباطية الحاكمة على ادارة الدولة طيلة الفترة المنصرمة .
كيف يمكن ان تتشكل الحكومة من قبل ( سائرون) وحدها وهي لاتملك الا 54 مقعداً من مجموع 328 مقعد برلماني؟ وكيف يمكن مراجعة التشريعات السابقة دون امتلاك قوة سياسية تتيح مراجعتها وتعديلها ؟ وهي تشريعات كُيّفَت قانونياً بحكم الاغلبية السياسية التي ساندتها خاصة والنظام السياسي في العراق برلماني لايسمح باي تشريع الا بموافقة البرلمان وامضاءه ، وعلى هذا الاساس كانت دعوة السيد القائد( دام عزه) الى مليونية انتخابية اصلاحية تقضي على المحاصصة وتمضي بالعراق قُدُماً نحو الاصلاح الاجتماعي والسياسي الذي سيتأسس على قاعدة سياسية ركيزتها الاقوى هي الكتلة البرلمانية صاحبة الاغلبية غير ان نتائج الانتخابات جاءت متقاربة رغم فوز سائرون باعلى المقاعد لكنها مقاعد لاتؤهلها لتشكيل الحكومة منفردةً وهنا اصبحنا امام عدة خيارات فاما التحالف مع اي قوة سياسية تتوافق مع مشروع الاصلاح واما الوقوف في خندق المعارضة واما العودة الى المحاصصة الطائفية والقومية المقينة وليس امامنا الا التحالف مع القوى المتقاربة مع مشروع الاصلاح حتى لو كانت تعارضه بالامس او الامس القريب وهذا التحالف بذاته نجاح جديد في اعادة ترسيم الخارطة السياسية وفقاً للمعيار الوطني الاصلاحي ولايعني عدم رضانا بهذا السياسي او ذاك رفض كل مايصدر عنه لاننا لانقبله بشخصه فحسب ! وهذا ماسيخرجنا من الموضوعية الى المزاجية وشخصنة الاختلاف في وجهات النظر ولاابالغ اذا قلت ان هذه هي مهمة ( المصلح الرسولي) التي يضطلع بها دائماً من لديه القدرة على مواجهة المصاعب والتحديات وتذليلها وليس لها الا مقتدى الصدر الرجل الذي يسعى دائماً الى احياء المَوات واماتة الفتنة وانعاش العراق بطرح وطني بعيد عن اي تاثير خارجي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى