كتاب وآراء

عن روسيا والغرب والشرق وعنا: مجرد تداعي أفكار

محمد صالح فتيح*

عشرة أيام تفصلنا عن قمة بوتين-ترامب ولايزال التساؤل قائماً: هل ستكون بدايةً جديدةً للعلاقات الروسيّة الأميركيّة؟

هل يستطيع الرجلان، مهما امتلكا من صلاحيات، وبافتراض عدم وجود قوى إعاقة (سموها ما شئتم: الدولة الأميركيّة العميقة/دولة الأمن القوميّ الأميركيّة..إلخ) أن يجسّرا الهوة بين بلديهما وهل سيصمد الصلح، إن حصل؟
بعيداً عن سورية وإيران والنفط والغاز، هل يمكن أن تجسّر الهوة بين روسيا والغرب، الأوروبي تحديداً؟ ماذا يعتقد الروس أنفسهم؟

فلاديسلاف سوركوف، أحد أهم مستشاري الرئيس الروسي، والنائب السابق لرئيس وزراء روسيا، كتب في شهر نيسان الماضي مقالةً، نشرت في مجلة أكاديميّة روسيّة، بعنوان "عزلة الهجين" تحدث فيها عما وصفه بحيرة روسيا بين التوجه شرقاً، في استرجاع سيرة القرون الأولى من تاريخ روسيا، والتوجه غرباً، في استمرار لسيرة القرون الأربعة الماضية.

في المقالة، يعتبر سوركوف أن مساعي روسيا للتوجه غرباً، والاندماج في القارة الأوروبية، والتي بدأت منذ أيام "ديميتري الدجال"، مطلع القرن السابع عشر، قد انتهت إلى الفشل في العام 2014، وأن روسيا ستمضي الأعوام المئة المقبلة في حالة من العزلة الجيوسياسية إذ لا يمكنها الاندماج مع الشرق ولا مع الغرب.
أما السعي للاندماج مع الغرب فمفهوم – إذا ما استذكرنا تاريخ روسيا خصوصاً خلال القرنين الماضيين – ولكن ما قصة الاندماج مع الشرق أو التوجه شرقاً؟ هي نزعةٌ ظهرت في روسيا بعد الحرب الباردة، وقد يكون ألكسندر دوغين أحد أبرز منظريّها. يرى دوغين أن تاريخ روسيا كإمبراطورية يبدأ مع جنكيز خان، مؤسس الإمبراطورية المنغولية، وأن الروس قبل جنكيز خان كانوا مجرد تابعين للإمبراطورية البيزنطية ولأوروبا.
حسناً، لنترك الروس يبحثون عن هويتهم بين ماضيهم، وحاضرهم، ومستقبلهم. ولكن ماذا عنا؟ إذا ما حاولنا تطبيق وجهة نظر دوغين على منطقتنا، سواء سورية أو المشرق العربي عموماً، لوجدنا أن تلك المناطق قبل الفتوحات الإسلاميّة لم تكن سوى كيانات موزعة بين الإمبراطوريتين الرومانيّة والفارسيّة. نعم، سكان تلك المناطق كانت لهم هويتهم المختلفة – لن أدخل في جدالٍ حول هذا – ولكن أين كانت دولهم؟ هل كانت لديهم دولٌ أساساً؟ إذا كان قسمٌ كبيرٌ من الروس اليوم يرون البداية الذهبية لتاريخهم وامبراطوريتهم مع جنكيز خان، المنغولي، فما موقف السوريين – الذين لا يعرفون اليوم لغةً سوى العربية – في البحث عن هويةٍ ما في تاريخ ما قبل الفتوحات العربية أو الإسلامية أو البدوية، سموها ما شئتم؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى