اردوغان يندد بـ”حرب اقتصادية” على بلاده مع انهيار الليرة
حضّ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الجمعة الأتراك على تحويل ما يملكونه من عملات أجنبية لدعم الليرة التي تسارع انهيارها إثر دعوته إلى "الكفاح الوطني" في مواجهة "حرب اقتصادية" تشن على حد قوله على بلاده.
وفي سياق تشديد الضغط على أنقرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم المستوردين من تركيا، على خلفية الخلاف الدبلوماسي الحاد بين البلدين.
وعلى الإثر، تسارع تدهور الليرة التركية مسجلة هبوطا حادا بنسبة 19% في يوم واحد مقابل الدولار وتم التداول بها بمستوى 6,6115 ليرة للدولار الواحد في الساعة 13,35 ت غ، بعدما وصلت إلى 6,87 ليرة للدولار إثر إعلان ترامب.
وقال إردوغان في كلمة ألقاها في بايبورت (شمال شرق) ونقلتها شبكة "تي آر تي" التلفزيونية الرسمية "إن كان لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية، إنه كفاح وطني".
وتعاني العملة الوطنية التي فقدت حوالى 40% من قيمتها مقابل الدولار واليورو منذ مطلع العام، من الأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين أنقرة وواشنطن، وريبة الأسواق المتزايدة حيال فريق اردوغان الاقتصادي.
وكانت الليرة التركية تراجعت الخميس بأكثر من 5% مقابل العملة الأميركية غداة مفاوضات غير مثمرة بين دبلوماسيين أميركيين وأتراك رفيعي المستوى سعيا لتسوية الخلافات بين البلدين اللذين فرضا الأسبوع الماضي عقوبات متبادلة على مسؤولين حكوميين.
وإلى هذا الخلاف الدبلوماسي الأميركي التركي، تتخوف الأسواق من المنحى الذي ستتخذه سياسة اردوغان الاقتصادية، في وقت يتحفظ البنك المركزي التركي على رفع معدلات فائدته للحد من تضخم بلغ معدله السنوي حوالى 16% في تموز/يوليو.
ورأى المحلل لدى "إكس تي بي" ديفيد تشيثام في مذكرة أن تراجع الليرة التركية الجمعة "يظهر أن المستثمرين متخوفين بشكل متزايد من أزمة نقدية شاملة وشيكة".
– "لوبي معدلات الفائدة" –
وفي مواجهة هذا الوضع، أشار اردوغان الجمعة بالاتهام إلى "لوبي معدلات الفائدة" من غير أن يحدد ملامح هذه الجهة الغامضة.
وكان أعلن في خطاب سابق ليل الخميس الجمعة "إذا كان لديهم دولارات فلدينا شعبنا ولدينا حقنا ولدينا الله"، ما عزز مخاوف الأسواق.
وتخطى القلق الجمعة حدود تركيا مع نشر صحيفة "فاينانشل تايمز" مقالة ذكرت فيها أن البنك المركزي الأوروبي يخشى من احتمال انتشار عدوى هذه الأزمة النقدية إلى بعض المصارف الأوروبية الحاضرة بقوة في تركيا.
وانعكست أزمة الليرة التركية على أسهم مصارف أوروبية كبرى منها "دويتشه بنك" و"كومرتز بنك" الألمانيان و"يونيكريديت" و"إينتيسا سانباولو" الإيطاليان مرورا بـ"سانتاندير الإسباني، فسجلت تراجعا في تداولات قبل ظهر الجمعة.
وقال مايكل هيوسون المحلل لدى "سي إم سي ماركتس" إن "المستثمرين كانوا يعتبرون الأزمة النقدية في تركيا مشكلة محلية. لكن يبدو أن سرعة تدهور (الليرة) تعزز المخاوف من احتمال انكشاف مصارف أوروبية على النظام المصرفي التركي".
– أزمة ثقة –
حرصا منه على توجيه إشارات إيجابية إلى الأسواق، شدد وزير المال الجديد براءة البيرق، وهو صهر اردوغان، على "اهمية استقلالية البنك المركزي" التركي.
وسعى البيرق عبثا منذ تعيينه في هذا المنصب بعد إعادة انتخاب اردوغان في حزيران/يونيو، لطمأنة الأسواق التي تنظر بقلق إلى هيمنة الرئيس بشكل متزايد على الشؤون الاقتصادية وتتخوف من مواقفه البعيدة عن النهج التقليدي.
واردوغان الذي بات يمسك بكامل الصلاحيات التنفيذية بموجب تعديل دستوري مثير للجدل مكنه أيضا من تعيين حاكم البنك المركزي، يعلن صراحة معارضته لرفع معدلات الفائدة من أجل ضبط التضخم.
إلا أن العديد من خبراء الاقتصاد يدعون إلى زيادة معدلات فائدة البنك المركزي لكبح التضخم، عملا بوسيلة تستخدم بصورة تقليدية في العالم لضبط ارتفاع الأسعار ودعم العملة الوطنية.
ولزمت شبكات التلفزيون الرئيسية والصحف الواسعة الانتشار، ومعظمها تحت سيطرة السلطة، الصمت حيال انهيار الليرة التركية هذا الأسبوع.